بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
لا يستطيع أكثر المتفائلين فى معسكر المرشح الليبرالى المعتدل للرئاسة الفرنسية ايمانويل ماكرون الجزم بأنه سيفوز فى الانتخابات الحاسمة التى يخوضها اليوم فى مواجهة القومية المتطرفة مارين لوبن. وعندما قال ماكرون إن تصدره الجولة الأولى، والتأييد الذى يلقاه من كبار الساسة الفرنسيين، لا يكفيان لتوقع فوزه, لم يكن هدفه الحفاظ على حالة التعبئة فى معسكره فقط. يعرف ماكرون أن منافسته أكثر خبرة منه فى العملية الانتخابية، وأنها خاضت عدة انتخابات من قبل، كما يدرك مدى قدرتها على المناورة، ومهارتها فى توجيه رسائلها الانتخابية، ومعرفتها بالأوساط التى يمكن لخطابها القومى الشعبوى أن يؤثر فيها.وظهر أثر خبرتها الانتخابية عندما علمت أن ماكرون سيعقد اجتماعاً مع ممثلى النقابات فى مصنع مهدد بالغلق، فذهبت فى الوقت نفسه والتقت العمال المضربين فى مواقعهم وظهرت صورها معهم، لتوجه رسالة تقول إنها مرشحة الشعب والقريبة منه، فى حين أن منافسها مرشح نخبوى لا يلتقى إلا بالقادة وراء أبواب مغلقة . ولم يكن هذا إلا أحد التحركات الكثيرة التى قامت بها لتحويل الانتخابات إلى حلبة صراع بين من تعتبرهم أصحاب الامتيازات المستفيدين من العولمة والاتحاد الأوروبى، ومن تسميهم الشعب الفرنسى الحقيقى الذى تقدم نفسها على أنها الصوت المعبر عنه. ورغم أن ماكرون سعى إلى مجاراتها فى أسلوبها هذا فظهرت صوره مع الناس فى الشارع فى مناطق عدة، يبدو أنها أكثر تفوقاً فى حرب الصور التى استعرت بينهما.
كما تراهن لوبن على أصوات كثير ممن اقترعوا لمصلحة المرشح اليسارى القومى المتطرف جان ميلونشون الذى حصل على 19.5% من الأصوات، بسبب تقارب موقفيهما ضد الليبرالية. وربما تعرف أن ميلونشون شخصياً يفضلها على ماكرون. ولعلها تتطلع أيضاً إلى الحصول على نسبة من أصوات أنصار المرشح الجمهورى فرانسوا فيون, رغم أنه أعلن تأييده لماكرون فى الجولة الثانية, ولذلك يصعب استبعاد أن تحقق لوبن مفاجأة اليوم، رغم أن هذا يظل الاحتمال الأقل فى ضوء نجاح ماكرون فى كشف خواء خطابها الذى يقدم شعارات صاخبة بلا رؤية واضحة للمستقبل.
المصدر : صحيفة الأهرام