فى شهر واحد

فى شهر واحد

فى شهر واحد

 عمان اليوم -

فى شهر واحد

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

قليل جداً من يعرفون أن المجتمع يمكن أن يتغير، وأن يكون هذا التغير عميقاً شاملاً، خلال أيام لا يزيد مجموعها على شهر واحد. فقط من يقرأون التاريخ قراءة فاحصة مُدَّققة بعين تحليلية ناقدة يعرفون ذلك، ولا يستغربونه لأنه يحدث عندما تدب الروح فى المجتمع من أسفله إلى أعلاه.

فقد مضى زمن كان ممكناً فيه لفرد أن يبث روحاً فى المجتمع. ولو أن الفيلسوف الألمانى الكبير هيجل عاش بيننا هذه الأيام لما كتب عن زعيم مثل نابليون مثلاً أنه روح أوروبا تركض فوق حصان. ولو عاد هيجل إلى الحياة فى عصرنا لعرف أن الروح التى قصدها إنما توجد فى المجتمعات، وليس فى القادة والحكام الذين يستلهمون منها هذه الروح. وهذا يفسر لماذا يخسر من يراهن على فرد فى هذا العصر، مهما تكن أزمة المجتمع وبؤس حاله.

وفى تاريخنا القريب ما يؤكد أن الرهان على حكام لإنقاذ المجتمع لم يفلح، وفيه أيضاً ما يفيد أن الروح يمكن أن تدب فى المجتمع خلال أيام معدودات، كما حدث فى خريف عام 1918 فى نهاية الحرب العالمية الأولى.

فُرض على المجتمع المصرى أن يكون جزءاً من تلك الحرب بسبب وجود قوات الاحتلال البريطانى على أرضنا. وخرج منها، وقد تفاقمت التناقضات الاجتماعية فيه، وتوسع نطاق التفاوت الطبقى. كانت أسعار القطن قد ارتفعت فى نهاية الحرب من سبعة ريالات للقنطار إلى عشرين ريالاً. وكان عشرات الآلاف من الفلاحين والعمال قد عادوا من معسكرات القوات الإنجليزية على فيض الكريم0 وشاع فى ذلك الوقت الحديث عن أغنياء الحرب وأشقيائها.

ولكن هذه الحالة لم تستغرق عدة أسابيع بسبب التغير الجوهرى الذى حدث فى المجتمع بين منتصف أكتوبر ومنتصف نوفمبر 1918, حيث بثت فيه فكرة الاستقلال روحا فى هذا المجتمع الذى بدا وقتها كما لو أنه فى حالة موت, وحركَّه الاقبال على توقيع التوكيل لتفويض وفد يسعى إلى التحرر من الاحتلال.

وهكذا تحول المجتمع تحولا جذريا فى مثل هذا الوقت من عام 1918, وبدا كما لو أنه مجتمع آخر فى شهر واحد أو أكثر قليلا0

المصدر : جريدة الاهرام

 

omantoday

GMT 07:07 2021 الخميس ,25 شباط / فبراير

جائزة تذَكًّر بمي غصوب

GMT 08:31 2021 الأربعاء ,24 شباط / فبراير

'أخلاق مُفترى عليها'

GMT 07:44 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

آفة الجمود

GMT 07:39 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

استعادة الفضاء الافتراضي

GMT 06:57 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

تسييس الرياضة دوليًا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى شهر واحد فى شهر واحد



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab