بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
مازالت حرية تداول المعلومات هدفاً أساسياً للمطالبين بتحقيق الديمقراطية أو توسيع نطاقها فى أنحاء العالم، وليس فقط للصحفيين الذين يعتمدون على هذه المعلومات فى عملهم. رغم أن شبكة «الإنترنت» فتحت أبواباً واسعة للحصول على معلومات لم يكن سهلاً الوصول إليها من قبل.
ويعود استمرار التمسك بمطلب حرية تداول المعلومات إلى أن بعض أهم هذه المعلومات لا يمكن معرفته عبر شبكة «الإنترنت»، وخاصة المعلومات الرسمية التى توجد لدى الهيئات الحكومية. فلا تفيد «الإنترنت» فى الحصول على معلومات لم يفصح عنها من يملكونها. ولن يكون ممكناً الاعتماد على الشبكة العنكبوتية فى هذا المجال، لأن ما يتيسر الحصول عليه من معلومات لم تُنشر رسمياً يتراوح بين الاجتهاد والتخمين والإشاعة.
ولذلك يظل السعى للحصول على المعلومات من مصادرها الأصلية ضرورياً لضمان صحتها، ولتجنب الدخول فى متاهة ناتجة عن الفوضى المعلوماتية التى يتسع نطاقها يوماً بعد يوم على شبكة «الإنترنت» بكل منصاتها.
فقد أصبحت لتداول المعلومات بلا حدود عبر «الإنترنت» أضرار آخذة فى الازدياد، إلى جانب فوائدها التى لا يمكن الاستهانة بها، وخاصة فيما يتعلق بتوسيع نطاق المشاركة والتعبير عن الآراء. تنتج هذه الأضرار عن تعاظم حجم المعلومات ونموها المتواصل، على نحو يؤدى إلى تراجع القدرة على تقييمها والتحقق منها. ويؤدى حجم المعلومات المهول، الذى يشمل الشىء ونقيضه فى غير قليل من الأحيان، إلى ازدياد الشك فى صحة هذه المعلومة أو تلك، حتى إذا كانت صحيحة.
ولا تقتصر المشكلة هنا على التداول التلقائى لمعلومات دون التحقق منها، وأخرى يصعب أصلاً التأكد من صحتها. فقد ازدادت حدة المشكلة منذ أن بدأت الظاهرة التى يُطلق عليها «الكتائب الإلكترونية»، التى تهدف إلى نشر معلومات كاذبة، أو التشكيك فى معلومات صحيحة، وتتخصص فى صناعة أكاذيب ونشرها على نطاق واسع، وشن حملات ممنهجة فى هذا الاتجاه أو ذاك.
وإذا أخفقت الجهود المبذولة فى العالم الآن لوضع حد لتدفق معلومات غير صحيحة، فقد يترسخ الشك ليس فى وجود الحقيقة فقط، بل فى وقائع تحدث وتُصَّور، بحيث يصبح الواقع مجرد رواية تحتمل القبول أو الرفض، ويفقد الناس الثقة فى أى شىء، وكل شىء.