القاهرة - عمان اليوم
تدل عبارة منسوبة إلى الفيلسوف الإغريقي سقراط على مدى أهمية كلام الإنسان في الدلالة على شخصيته واتجاهاته ومواقفه. يُقال إن سقراط كان جالسًا بين تلاميذه عندما جاء رجل بدا مزهوًا بنفسه، أو بوسامته، فنظر إليه الفيلسوف الإغريقي وقال له «تكلم حتى أراك»، قاصدًا أن كلام الشخص، وليس مظهره، هو ما يدل عليه.
ولا تصدق هذه العبارة فى كثير من الحالات، بل فى أكثرها، لأن التطابق بين ما يُقال وما يُفعل قليل أو نادر. فليس هناك أسهل من الكلام، الذى يُجيد كُثُر استخدامه لتقديم صورة إيجابية عنهم.
وحالة الرئيس الأمريكى جو بايدن والنخبة الجديدة – القديمة التى تعاونه خير دليل على ضآلة قيمة العبارة المنسوبة إلى سقراط. ربما كانت لها قيمة فى عصره. ولكنها ضعفت مع الزمن، وباتت شديدة الضعف فى زمننا.
يحشر بايدن وأتباعه القيم الأمريكية فى معظم أحاديثهم. تسمع الواحد منهم، أو تقرأ عما قاله، فتخاله من أصحاب المبادئ الذين يهتدون بقيم يؤمنون بها فى كل ما يفعلونه، ثم ننظر إلى سلوكهم فلا تجد أثراً لها إلا حين يستخدمونها لأغراض سياسية.
وربما يكونون أصدق عندما يُقدمون المصالح على القيم. فالمعتاد أن يقول هذا أو ذاك منهم إن الولايات المتحدة ستحدد موقفها تجاه قضية أو أخرى بناءً على المصالح والقيم الأمريكية.
وهذا ما يحدث فعلا. تُستخدم القيم فقط عندما ترتبط بالمصالح. ويؤدى هذا الارتباط عادةً إلى ازدواج فى المعايير وقد أصبح هذا الازدواج واحدة من أهم سمات السياسة الخارجية الأمريكية فى ظل الإدارات الديمقراطية، وبعض الإدارات الجمهورية وربما أكثرها حيث تُستخدم القيم بطريقة انتقائية وفقًا لاتجاهات المصالح. وربما يعود إفراط بايدن وأركان إدارته فى الحديث عن القيم إلى أنهم جاءوا بعد إدارة ترامب الذى عزف عن استخدامها غطاء للمصالح.
ستحضر الديمقراطية وحقوق الإنسان، على سبيل المثال وفقًا لمحددات المصالح.
وستُستخدم هنا، فيما يجرى تجاهلها هناك. وقل مثل ذلك عن حقوق الشعوب، وسيستمر إغفال حقوق الشعب الفلسطينى بلا جديد.
ولو أن سقراط موجودًا اليوم لقال لبايدن: لا أراك مهما تتكلم.