بقلم ـ د. وحيد عبدالمجيد
جدل محتدم حول الإعداد لانتخابات على أكثر من مستوى فى المناطق الخاضعة لسيطرة حزب الاتحاد الديمقراطى الكردى وقواته فى شمال سوريا. الاتجاه السائد يهاجم هذه الخطوة دون أن يناقش أبعادها، ويعيد إنتاج الاتهامات التى تُوجه عادةً إلى الكرد حين يعبرون عن حقهم فى المحافظة على هويتهم.
الكرد فى سوريا، كما فى العراق وتركيا، متهمون بأنهم يريدون الانفصال، وبالتالى تقسيم هذه البلدان أو تفكيكها. والاتهام نفسه مُشهر فى وجوه الكرد فى إيران أيضاً رغم أن تكميم أفواههم لا يسمح لهم بالمطالبة بهذا الحق.
وهؤلاء الذين لا يزعجهم فى منطقة تحرقها نيران الحروب والأزمات سوى مطالبة الكرد بحقوقهم يربطون بين الانتخابات التى يجرى الإعداد لها فى شمال سوريا، واستفتاء تقرير المصير المزمع إجراؤه فى كردستان العراق، رغم عدم وجود صلة بينهما.
ولكن تعديل زاوية النظر قد يُمكَّننا من أن نرى فى الانتخابات الكردية خطوة نحو حل الأزمة السورية، وليس نحو التقسيم، خاصة حين نضعها فى سياق الاتفاقات التى تم التوصل إليها لوقف القتال فى الفترة الماضية.
ويعرف متابعو الأزمة السورية أن اتفاقين مهمين عُقداً فى الأشهر الأخيرة، وأُعلنت بمقتضاها هدنتان كبيرتان فى ثلاث محافظات جنوب غرب سوريا، ثم فى دمشق والغوطة الشرقية، تحت عنوان خفض التصعيد.
وسبق هذين الاتفاقين أكثر من 20 اتفاقاً عُقدت برعاية روسية لوقف القتال فى بلدات صغيرة، وتشكيل مجالس محلية لإدارتها ذاتياً. كما أُجريت انتخابات محلية فى بعض المناطق التى تسيطر عليها فصائل معارضة عندما رفض السكان الخضوع لهيئات إدارية عينتها هذه الفصائل.
وربما يفتح وضع انتخابات المناطق الكردية فى هذا السياق الباب أمام منهج جديد للحل يأتى كمحصلة لاتفاقات من هذا النوع، بعد أن فشلت محاولات إجراء مفاوضات حقيقية بين النظام والمعارضة ويعنى ذلك أن التعامل الإيجابى مع انتخابات المناطق الكردية يمكن أن يجعلها خطوة نحو الحل. غير أنه لكى تكون كذلك، ينبغى أن تتدخل القوى الدولية التى تُدَّعم حزب الاتحاد الكردى لضمان إعادة السكان العرب الذين تم تهجيرهم من هذه المناطق، ومن ثم اختبار صدقية خطابه الذى يؤكد أنه يسعى إلى حكم ذاتى وليس إلى الانفصال.