بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
وجدتُ فى حصول دار الساقى للنشر على جائزة عبد العزيز بن منصور لقصص الأطفال تكريمًا للكاتبة والفنانة الراحلة مي غصوب مؤسسة هذه الدار، وصاحبة الفضل الأول فى المكانة التى تحظى بها. ليست هذه الجائزة الأولى التى حصلت عليها دار الساقى فى حياة مؤسستها، وبعد رحيلها عام 2007. وفى كل منها تكريم لمؤسستها، مثلها فى ذلك مثل الجائزة التى تحمل اسمها وتُقدمها دار الساقى (جائزة مى غصوب للرواية العربية)، لأنها تنطوى على تذكير بدورها فى نشر أفكار عربية حديثة وجريئة منذ أن أسست دار الساقى فى لندن أولاً عام 1979 بالتعاون مع زميل طفولتها أندريه جاسبار عقب مغادرتها بيروت فى أوج الحرب الأهلية، وقبل أن تُعيد تأسيسها فى بيروت عام 1990 بعيد انتهاء تلك الحرب.
عرفتُها عن طريق زوجها الصديق الكاتب المتجددة أفكاره دائما حازم صاغية. وعرفتُ عنها قبل ذلك عبر اهتمامى بمتابعة مسارات الاتجاهات الراديكالية فى أوساط اليسار العربى. فقد تبنت مى غصوب فى شبابها الأفكار الأكثر جذرية فى هذه الأوساط، قبل أن تشعر بعدم جدوى السياسة، وتتجه إلى العمل الإنسانى وتقتنع بأنه أكثر فائدة. كما عرفتها من خلال ما تيسر لى الإطلاع عليه من كتب نشرتها دار الساقى. ووجدتُ فى محتواها ما يدل على شخصية ناشرتها، وثقافتها.
ولكن أهم ما عرفتُه عنها قبل أن ألتقيها كان من خلال كتابها (المرأة العربية وذكورية الأصالة)، الذى لفتت فيه الانتباه إلى مسئولية المرأة عن تدنى وضعها فى المجتمع، واستسلامها لتقاليد وقيم سائدة تقوم على الخلط بين احترام الرجل والخضوع له. وأثار هذا الكتاب عقب إصداره عام 1991 جدلاً، لانه من نوع الكتب التى تدفع إلى التفكير، وهو ما تتسم به كتابات مى غصوب عموماً، خاصة كتابها المشترك مع إيما سنكلير ويب (الرجولة المتخيلة- الهوية الذكرية والثقافة فى الشرق الأوسط الحديث)، الذى انطلق من أن تحرر المرأة يرتبط بفهم كيفية تشكل هوية ذكرية فى سياق التفاعلات المجتمعية بطريقة تخلق مفهوماً زائفاً للرجولة يقوم على نظرة دونية إلى النساء.