بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
هل تعني القوة بالضرورة العنف؟ وهل الحديث عن القتال يعني دائمًا شن هجوم جسدي أو مسلح؟ سؤالان من وحي اتهام الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالتحريض على التمرد، على أساس أنه دعا أنصاره إلى إظهار القوة والقتال ضد ما سماها سرقة الانتخابات الرئاسية.
وليست جديدةً الأسئلة المتعلقة بمعاني كلمات تتعدد معانيها، أو تنطوي على التباس أحيانًا حين تُذكر في سياقات معينة. وأحد المداخل في الإجابة عن هذا النوع من الأسئلة هو التدقيق في دلالات كلمات متعددة المعاني، وأخرى اختلفت معانيها بمرور الزمن، أو باتت تستخدم في عصرنا بطريقة مختلفة عن عصور سابقة.
وليس بعيدًا الجدل الذي أُثير حول عبارة الحروب الصليبية عندما استخدمها الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش عقب هجمات سبتمبر 2001 فى نيويورك وواشنطن. هوجم بوش كثيرًا قبل أن يتبين أن عبارة الحروب الصليبية تُعرَّف في القواميس الحديثة بأنها عمل قوي ونشط من أجل تحقيق هدف كبير.
وفي القواميس الحديثة أيضًا، لم يعد القتال يعني استخدام القوة المسلحة فقط، بل بذل أقصى جهد أيضًا. أما كلمة القوة، فقد صار ضروريًا وصفها بأنها مسلحة لتدل على العنف، لأنها أصبحت تعني مختلف أشكال التفوق.
وقل مثل ذلك، ولكن بطريقة عكسية، عن كلمة التعصب، لم يكن التشدد أوالتطرف هو المعنى الأول لهذه الكلمة في عصور سابقة، بل التحمس الشديد. ولكن معناها الشائع الآن هو التشدد، حيث ترتبط فى معظم الأحيان بالتطرف الديني أو المغالاة في تشجيع فريق للألعاب الرياضية. فقد ضاق معناها، أو بالأحرى المعنى الشائع لها، بعد أن كان واسعاً، بخلاف كلمات وعبارات أخرى توسع معناها بعد أن كان ضيقًا.
وفي سياق اختلاف معاني الكلمات، نجد أن أحد أهم مصادر التطرف الراهن في العالم الإسلامي استخدام كلمة الجهاد بمعناها العسكري فقط، رغم أن كثيرين يُجاهدون طول الوقت في عملهم أو دراستهم أونشاطاتهم المختلفة.
والحال أن غير قليل من الصراعات يحدث بسبب التركيز في أحد معاني كلمة أو عبارة دون غيره، خاصةً عند احتدام الجدل في أجواء مشحونة.