بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
لابد أن نتعلم التفكير فى دوافع من نختلف معهم، أو من يصدر عنهم موقف أو سلوك لم نتوقعه. تفهم دوافع الآخرين، أى محاولة فهم العوامل التى تُحركهم، يساعد فى ضبط ردود أفعالنا حتى تجاه من يظلموننا. وفضلاً عن أن هذا التفهم فضيلة، فهو دليل قوة وليس ضعفاً. كما أنه قد يدفعهم إلى مراجعة أنفسهم، حين نتواصل معهم ما لم يكن هناك ما يمنع هذا التواصل.
ولذا، لم تكن معظم ردود الأفعال العربية, تجاه قرار البرلمان الألمانى قبل أيام إدانة حركة مقاطعة إسرائيل BDS، موفقةً. لكن الصدمة، التى سببها هذا القرار، كانت قوية إلى الحد الذى حال دون التفكير فى دافعه الأساسي، وإغفال مواقف ألمانية نبيلة آخرها السماح بدخول مئات الآلاف من اللاجئين الذين أُغلقت الأبواب كلها أمامهم.
ولا يخفى أن الجرائم التى ارتُكبت ضد اليهود فى المرحلة النازية مازالت ضاغطة على الضمير الألماني، الأمر الذى يتيح لإسرائيل فرصاً مستمرة للابتزاز. وهذا واضح فى نص قرار البوندستاج الذى تضمن إشارة صريحة إلى أن حركة مقاطعة إسرائيل «تُذَّكر بالمرحلة الأفظع فى تاريخ ألمانيا»، وأن ملصقاتها التى تدعو إلى عدم شراء منتجات إسرائيلية «تُذَّكرنا بالدعوة النازية إلى عدم الشراء من اليهود».
ومادام الدافع واضحاً على هذا النحو، يظل ممكناً العمل من أجل تغيير ما يترتب عليه، إذا كان كسب ألمانيا وبرلمانها فى مصلحة قضية فلسطين، وهو لا يمكن إلا أن يكون كذلك.
ولذا، يصبح التواصل مع الأحزاب التى دعمت القرار أفضل من شن حملة شديدة اللهجة ضده. ويمكن البدء بالأحزاب التى اتخذت موقفاً مؤيداً للقرار بطريقة نعم .. ولكن، مثل حزب الخُضر الذى حرص على تأكيد أنه يظل حريصاً على حرية التعبير للجميع.
وفى كل الأحوال، فرغم أن هذا القرار صدم من لم يتوقعوا صدوره عن برلمان ألمانيا المنفتحة، لا ننسى أنه أحد مؤشرات تدل على نجاح تحققه حركة مقاطعة اسرائيل فى المجالات الثلاثة التى يتضمن اسمها المختصر الأحرف الأولى للكلمات الدالة عليها، وهى المقاطعة «B»، وسحب الاستثمارات «D»، وفرض العقوبات «S».