بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
معركة ثانية سيكون على شركات تكنولوجيا الاتصالات الكبرى أن تخوضها للدفاع عن نفسها، فإلى جانب المعركة التي تخوضها الآن في مواجهة من يحاولون تحرير الأسواق من احتكار هذه الشركات، وفي مقدمتها شركتا فيس بوك وتويتر، عليها أن تستعد لمعركة جديدة بشأن القيود التي تفرضها على مستخدمي منصاتها.
في كثير من بلدان العالم من يريدون خوض هذه المعركة لاعتقادهم أن المسئولين عن المنصات الافتراضية في إدارات هذه الشركات نصَّبوا أنفسهم رقباء، وقمعوا حرية التعبير التي كانت هذه المنصات تتميز بها، ولكن أعضاء جمهوريين في مجالس النواب والشيوخ في بعض الولايات الأمريكية أخذوا المبادرة في هذا المجال، وشرعوا في إعداد تصورات بشأن تشريعات تهدف إلى تحرير المنصات التي تملكها هذه الشركات من سيطرة إداراتها.
يشعر كثير من ذوي الاتجاهات المحافظة في الولايات المتحدة، وخارجها أيضًا، بالاستياء بسبب ما يعتقدون أنه انحياز من جانب هذه الإدارات ضدهم، بعد أن حجبت أعدادًا كبيرة من الحسابات المعبرة عن هذه الاتجاهات، ويرون أن إدارات تلك الشركات تصرفت كما لو أنها ناشر ينشر ما يروق له، ويستبعد ما لا يحظى برضائه.
وفى المقابل تبرر اداراتا شركتى فيس بوك وتويتر، وغيرهما، القيود التى تفرضها بأنها لم تحجب إلا ما يتضمن تحريضًا أو يقود إلى استخدام العنف، أو يثير الانقسام، أو يقوم على أكاذيب، واستخدم مؤسس شركة فيس بوك مارك زوكربيرج عبارة خفض حرارة المشهد السياسى فى حديثه عن القيود المفروضة فى المنصة التى يستخدمها نحو ثلث سكان العالم.
ويبدو زوكربييرج وغيره من حيتان الإنترنت، مطمئنين إلى أن محاولات منعهم من حجب ما لا يروق لهم ستفشل، لأنهم محميون بموجب قانون صادر عن الكونجرس الفيدرالى، وهو قانون الاتصالات لعام 1996. وتمنح المادة 230 فى هذا القانون منصات التواصل الاجتماعى ما يشبه الحصانة التى تحول دون مساءلة إداراتها عن محتوى ما يُنشر فيها.
ولهذا، ربما ترتبط نتيجة معركة استعادة الفضاء الافتراضى بقدرة من يخوضونها على نقلها إلى المستوى الفيدرالى. وفى كل الأحوال، فالأرجح أننا سنتابع معركة مثيرة فى الفترة المقبلة.