بقلم : د. وحيد عبدالمجيدط
لا توجد معجزات فى الحياة. إنها الروح حين تبلغ أقصى درجات قوتها، فيحدث أمر خارق يبدو كما لو أنه معجزة. وهذا ما حدث فى نصف نهائى دورى أبطال أوروبا فى ملعبى أنفيلد ويوهان كرويف الأسبوع الماضى, وسيسجله التاريخ لتتعلم منه أجيال قادمة. بدا فريق ليفربول فى حاجة إلى معجزة ليعود إلى المنافسة بعد خسارته بفارق ثلاثة أهداف أمام برشلونة فى مباراة الذهاب. كما تصور الجميع أن توتنهام ودع المسابقة عندما أحرز أياكس أمستردام هدفين فى الشوط الأول فى مباراة الإياب، بعد أن فاز بهدف فى المباراة السابقة.
كان على ليفربول أن يسجل أربعة أهداف, فى مباراة الإياب فى ملعبه أنفيلد, وعلى توتنهام أن يسجل ثلاثة أهداف، لكن فى شوط واحد فقط، وفى ملعب يوهان كرويف فى أمستردام. لكن الروح التى دبت فى لاعبى توتنهام مكنتهم من تسجيل الأهداف الثلاثة، التى يُحسب كل منها بهدفين عند تساوى نتيجتى المباراتين لأنها فى ملعب الخصم. ولم يكن الأمر مختلفاً فى أنفيلد فى اليوم السابق، إذ كانت روح لاعبى ليفربول فى ذروتها، فسجلوا الأهداف الأربعة التى لم يتوقعها أى من خبراء كرة القدم.
وهذا درس عميق فى الحياة، وليس فى الكرة فقط. عندما تحضر الروح فى أى عمل، يبلغ الأداء أعلى معدلات ارتفاعه. الروح، بهذا المعنى، مزيج من الطاقة الإيجابية، والإرادة التى لا تلين، على نحو يجعلك تعد للعمل الذى تؤديه بأكثر مما تستطيع فى وقت آخر، وتتفانى فى أدائه مهما تكن الصعوبات. وليت من لا يقتنع بأهمية الروح فى الألعاب الرياضية، كما فى العمل الإنسانى عموما، يطلع على الكتاب الذى ألفه اللاعب والمدرب الاسكتلندى العبقرى أليكس فيرجسون، مع ديفيد ميك، تحت عنوان إرادة الفوز A will to win. وللتذكير، كان فيرجسون المدير الفنى الذى قاد مانشستر يونايتد لأكثر من عشرين عاماً فى عصره الذهبى.
وفى هذا الكتاب خلاصة تجربة مفادها أن النجاح يرتبط، فى أحد أهم أبعاده، بقدرة من يدير عملاً على خلق إرادة قوية تدفعها روح متأججة فى مناخ يوفر الطاقة الإيجابية.