بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
بدأت قبل أيام فى قراءة كتاب مهم تُرجم بواسطة المركز القومى للترجمة العام الماضى عن حياة رائدة تحرير المرأة المصرية هدى شعراوى . وتعود أهمية الكتاب الأصلى، الذى ترجمته نشوى الأزهرى، إلى أن مؤلفته حفيدة هدى شعراوى ( سنية شعراوى )، التى لم يكن غيرها قادرًا على إكمال سيرة جدتها فى السنوات الاثنتى عشرة الأخيرة من حياتها، لأن مذكراتها تقف عند عام 1935.
كما أضافت وثائق تاريخية وصورًا نادرة كان صعبًا لغيرها الحصول عليها من أشخاص عرفوا جدتها، وقابلتهم قبل أن يرحلوا مثل سيزا نبراوى التى شاركت هدى شعراوى نضالها، وأحمد لطفى السيد المثقف المستنير، وغيرهما.
ولكن ما تجدر مناقشته بمناسبة هذه الترجمة هو مدى وجود سبب وجيه لتغيير عنوان الكتاب من عدمه. نُشرت الترجمة تحت عنوان (وكشفت وجهها)، ومعه عنوان فرعى (حياة هدى شعراوى أول ناشطة نسائية مصرية). أما عنوان الكتاب الأول، الذى صدرت طبعته الأولى عام 2011 عن دار (آى.بى.فوريس) فى لندن، فهو التحرر من النقاب أو التخلص منه أو إسقاطه. العنوانان مختلفان كثيرًا فى دلالة كل منهما.
كشف الوجه لا يؤدى المعنى نفسه المتضمن فى عبارة التحرر من النقاب . عنوان الترجمة يمكن أن ينطبق على أي امرأة منتقبة أو مُبرقعة تقرر رفع الغطاء عن وجهها فى أى وقت، وأى مكان. أما عنوان الكتاب الأصلى فيدل على السياق التحررى الذى نزعت فيه هدى شعراوى وبعض زميلاتها غطاء الوجه، فى بداية حركة نسائية مناضلة لم يكن ذلك الفعل إلا جزءًا منها، وإن صار رمزًا لها على المستوى التاريخى.
وقد برر مُراجع الترجمة د. طارق النعمان، وهو أستاذ كبير فى الأدب، هذا التغيير بأنه يجعل العنوان أكثر جاذبية وشعرية من العنوان الأصلى الذى يعتقد أنه يعبر عن صورة نمطية للمرأة العربية، والشرقية عمومًا، فى الغرب، إلى جانب أثره التسويقى. ولكن هذا سبب غير مُقنع، لأن تغطية وجه المرأة العربية حقيقة تاريخية، وليست صورة نمطية. كما أن عبارة التحرر من النقاب أو البرقع لا تقل فى جاذبيتها، بل ربما تزيد.