بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
تبدو دعوة الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب إلى التهدئة فرصة مناسبة للشروع فى وضع حد للانقسام الذى يُهدَّد نسيج المجتمع الأمريكي، ويمكن أن يُضعف قوة الولايات المتحدة ومكانتها فى حال استمراره وتفاقمه.
مد ترامب يديه أخيرًا، على نحو لم يتوقعه أحد، بعد أن ارتكب خطًأ كبيرًا عندما أخفق فى إدراك مغبة عدم مطالبة أنصاره بتجنب العنف قبل أن يقتحم بعضهم مبنى الكونجرس فى 6 يناير الحالى.
وهذا نوع من الفرص لا يتكرر، ولكن خصوم ترامب فى الحزب الديمقراطي، وأوساط أخري، يرفضون مد أيديهم، ويرغبون فى استغلال ضعف موقف ترامب للانتقام منه، دون إدراك عواقب هذا السلوك الذى ربما يجوز وصفه بأنه فجور فى الخصومة.
يصر قادة الحزب الديمقراطى على الاستمرار فى محاكمة ترامب أمام مجلس الشيوخ ، بعد أن مرروا فى مجلس النواب قرار اتهامه بالتحريض على التمرد، دون عقد أى جلسة استماع. كما استبقوا تحقيقات جارية على مستويات عدة، ولا يمكن التوصل إلى مثل هذا الاتهام دون استيفائها، وبالتالى توافر معلومات كافية بشأن مدى علاقة كلام ترامب بعملية الاقتحام.
وإلى هنا، قد يجوز القول إن سلوك قادة الحزب الديمقراطى هذا رد فعل على أفعال ترامب التى تجاوزت الحدود، وخاصًة موقفه تجاه نتيجة الانتخابات الرئاسية. غير أن الإصرار على استمرار محاكمته أمام مجلس الشيوخ بعد أن يغادر البيت الأبيض ، ويعود مواطنًا عاديًا يتعدى حالة رد الفعل.
كانوا يعرفون، عندما قرروا اتهامه فى مجلس النواب ، أن الوقت الباقى فى فترة رئاسته لا يكفى لإجراء المحاكمة أمام مجلس الشيوخ ، فى الوقت الذى يوجد خلاف دستورى على إمكان محاكمة مواطن عادى أمام مجلس الشيوخ ، الذى يختص بمساءلة الرئيس والمسئولين التنفيذيين. ويعتمدون على سابقة تاريخية عندما حوكم وزير الحرب عام 1876 بعد أن استقال من منصبه، فى وجود خلاف على جدوى السوابق فى مثل هذه الحالة. وهم يفعلون هذا كله، ويعرفون أن الحق ليس معهم، أفليس هذا هو المقصود بالفجور الذى يعنى فى اللغة العربية الميل عن الحق إلى الباطل.