بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
فشل الغزو الإسرائيلى فى إخراج المقاومة من المعادلة الداخلية فى لبنان. ولكن هناك من يعتقدون أن فى إمكانهم أن يُحقًقوا بواسطة إشعال فتنة داخلية ما فشل الصهاينة فى إنجازه عبر حرب ضارية انطوت على إبادة جزئية. فالانقسام السياسى - الطائفى يمكن أن يصل إلى حد محاولة الدفع باتجاه إشعال الفتنة، خاصةً فى ضوء عداء بعض الأطراف اللبنانية للمقاومة واستعداد بعضها لفعل أى شىء من أجل الخلاص منها.
كان هذا متوقعًا، ولكنه بات واضحًا عندما تحدث المبعوث الأمريكى-الإسرائيلى آموس هوكستين عما معناه أن انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة لبنانية بدون حزب الله سيعجل بالإصلاحات اللازمة لما اعتبره مستقبلاً أفضل. وربما تكون الإصلاحات هى الكلمة المفتاحية فى المحاولة الجديدة لإضعاف المقاومة وإخراجها من المعادلة السياسية على الأقل. يستطيع الأمريكيون والأوروبيون ربط تقديم المساعدات لإعادة إعمار ما هُدم فى مناطق لبنانية عدة بهذه الإصلاحات، وأن يستخدموا أعوانهم للتحرك من أجل تقديم رئيس يُفرًَق ولا يجمع، وتشكيل حكومة مستعدة للسير معهم وتحقيق ما يبغونه فى لبنان، والانطلاق منه إلى المنطقة لتغييرها.
ولكن إذا اعتبرنا أن إشعال فتنة 1975، التى أدت إلى حرب أهلية طويلة، كان مأساةً أمكن تدارك خسائرها بعد 15 عامًا فمحاولة تكرارها بطريقة أخرى قد لا يكون إلا كارثة على البلد وأهله وكل الفرقاء فيه وفى مقدمتهم المراهنون على إقصاء المقاومة.
ولكن هذا الرهان غير واقعى لأن التوازنات الطائفية المقننة فى الدستور والميثاق الوطنى يحول دون فرض رئيس غير توافقى وتشكيل حكومة على مقاس مشروع الهيمنة. وفضلاً عن دول عربية حريصة على استقرار المنطقة، ومن ثم تهدئة الوضع فى لبنان، سيبقى أعوان هذا المشروع أقليةً فى ضوء المواقف المُقدَّرة لقادة أحزاب عدة مثل الحزب الاشتراكى التقدمى وغيره.
الوضع الداخلى، إذن، قد لا يسمح بتمرير مشروعٍ، فشلَ الصهاينة والأمريكيون فى فرضه بالقوة. وليس فى إمكان أنصارهم فى الداخل مساعدتهم لإقصاء المقاومة, وهم الذين يخشون التعبير عن مواقفهم الحقيقية كاملةً، ويوجب عليهم استخدام عبارة «العدو الإسرائيلى» فى أحاديثهم العلنية مراعاةً للجو السياسى - الشعبى السائد.