بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
لا يختلف معظم قادة الحزب الديمقراطي عن الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب إلا في الشكل. هم يعبرون عن مواقفهم الإقصائية بنعومة، وليس بخشونة ترامب ، ويتجنبون الفجاجة الغالبة في خطابه السياسي. كما أن بعضهم لا يختلف عنه حتي في الشكل، مثل نانسي بيلوسي التي أعاد الديمقراطيون أصحاب الأغلبية في مجلس النواب انتخابها رئيسة له. بيلوسي نسخة نسائية من ترامب حتي في فجاجته. خاضت معركة كلامية ضده منذ أن وطأت قدماه البيت الأبيض ، واستغلت رئاسة مجلس النواب لهذا الغرض، وحولَّتها إلي منصة حزبية بالمخالفة لتقاليد العمل النيابي وأعرافه.
كما قاطعته، ورفضت مرةً علي الأقل أن تمد يدها لمصافحته بالمخالفة لأبسط القواعد الديمقراطية، بل الإنسانية. ولذلك ساهمت في دفعه إلي مزيد من الحدة في مواقفه، مثلما شاركت في تعميق حالة الانقسام السياسي-المجتمعي الحاد التي صارت أكبر مشكلة تواجه الإدارة الجديدة، و الولايات المتحدة بوجه عام.
وها هي تمضي قدمًا في هذا السلوك عبر استغلال الخطأ الكبير الذي ارتكبه ترامب عندما دعا أنصاره إلي التظاهر في يوم تصديق مجلسي الكونجرس علي نتيجة الانتخابات. ويريد كثير من قادة الحزب الديمقراطي الانتقام منه عبر تحميله مسئولية كاملة ومباشرة عن ذلك الاقتحام، بدون انتظار ما ستخلص إليه تحقيقات تُجريها أجهزة أمريكية عدة.
ويغامرون بمفاقمة الانقسام عبر استفزاز أنصار ترامب ، بمن فيهم الذين نقدوا سلوكه دون أن يتراجع معظمهم عن تأييده. ويقف الرئيس المُنتخب جو بايدن متفرجًا علي هذا السلوك ال ترامب ي الذي يناقض خطابه الانتخابي ووعوده بشأن بذل أقصي جهد لمعالجة الانقسام الذي دخل مرحلة الخطر.
ولا يمكن لأي معالجة من هذا النوع أن تبدأ إلا بالسعي إلي احتواء أنصار ترامب ، وفتح جسور معهم، وليس الإمعان في إهانة الرجل الذي وجدوا فيه قيادة يبحثون عنها. وحتي إذا نجح متطرفو الحزب الديمقراطي في إخراج ترامب من الساحة السياسية، وهو أمر مشكوك فيه، سيجد أنصاره قائدًا آخر يواصل مسار الانقسام الذي يصُب قادة في الحزب الديمقراطي مزيدًا من الزيت علي ناره, لأن السلوك الانتقامي الفج الذي لا يُنتج إلا مثله.