بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
ما كاد الرئيس الأمريكى الجديد جو بايدن ينتهى من إلقاء كلمة وداع لولاية ديلاوير التى عاش فيها، ومثلَّها لنحو 40 عامًا فى الكونجرس، حتى ألقى الرئيس السابق دونالد ترامب خطابًا وداعيًا أيضًا لكن للبيت الأبيض الذى عاش فيه أربعة أعوام.
ألقى ترامب هذا الخطاب عصر الثلاثاء الماضى بتوقيت الولايات المتحدة، أى قبل أقل من 24 ساعة على مغادرته البيت الأبيض صباح اليوم التالى. ولهذا كان مفترضًا أن يبدو متأثرًا وحزينًا ومتشائمًا، وهو الذى غادر البيت الأبيض معتقدًا أن الانتخابات سُرقت وفق التعبير الأثير لديه.
كما أنه ينتظر محاكمته الثانية خلال عامين أمام مجلس الشيوخ ، بعد أن مرر الأعضاء الديمقراطيون فى مجلس النواب قرار اتهامه بالتحريض على ما يرونه تمردًا. وألقى بايدن تلك الكلمة عشية تنصيبه رئيسًا ودخوله البيت الأبيض فى اليوم التالى أيضًا.
ولهذا كان مفترضًا أن يبدو فرحًا مبتهجًا، ومتفائلاً. ولكن على عكس ما كان مفترضًا، بدا ترامب فرحًا ومتفائلاً، وقال هذا صراحة فى خطابه: (أذهب من هذا المكان بقلب فرِح وروح متفائلة).
وفى المقابل، بدا بايدن حزينًا وغير متفائل فى قوله ما يعنى أن هذا وقت مظلم فى الولايات المتحدة، وإن حاول أن يبدو أكثر تفاؤلًا فى خطاب التنصيب فى اليوم التالى. وربما يكون تصرف ترامب و بايدن بخلاف المفترض فى اللحظة التى تحدثا فيها مرتبطًا بطابع شخصية كل منهما. ترامب قوى ومُقاتل، بغض النظر عن عيوبه الجسيمة المرتبطة بتضخم ذاته وجموحه. و بايدن أقل قوة، حتى لا نقول ضعيفًا. ولكن الفرق ليس بين شخصين فقط، بل بين ظرفين أيضًا.
بدأ بايدن فترة رئاسته فى ظرف ربما يكون الأصعب الذى يواجه رئيسًا أمريكيًا منذ فترة يُختلف على تقديرها. أما ترامب فهو فرِح بما يعتقد أنه أنجزه. وهو مُحق جزئيًا، خاصةً بالنسبة إلى الاقتصاد الذى حقق قفزات إيجابية كبيرة قبل أن تداهمه الجائحة. وهو متفائل لأن الاتهام الموجه ضده ضعيف، ولاعتقاده أن الحركة السياسية التى يقودها ويناصرها ملايين فى بعض أوساط الحزب الجمهورى وحركات اليمين ستستمر.