بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
بدا المشهد فى العاصمة الأمريكية بالغ الغرابة، وقد تحول قلبها إلى ما يشبه مدن الأشباح بسبب الإجراءات التى اتُخذت لتأمين تنصيب جو بايدن رئيسًا الأربعاء الماضى.
مشهد غير مسبوق فى تاريخ الولايات المتحدة واشنطن رغم صعوبات رافقت تولى عدد قليل من الرؤساء السابقين مهماتهم، بدءًا بأولهم جورج واشنطن الذى شل الجليد الحركة وقت تنصيبه.
قُسمت العاصمة الأمريكية إلى مناطق حمراء، وأخرى خضراء، وأُغلقت طرق وشوارع وجسور عدة، فضلاً عن بعض خطوط شبكة المترو، لمدة أسبوع.
كما نُصبت حواجز أسمنتية، ووُضعت أسلاك شائكة فى المنطقة المحيطة ب الكونجرس الذى تحول إلى قلعة حصينة كما لو أن الولايات المتحدة فى حالة حرب.
لم يقتصر التأمين على غلق الساحة الخارجية ل مبنى الكابيتول ، التى كان مئات الآلاف يتدفقون إليها لحضور حفلات التنصيب.
إجراءات التأمين فى داخل المبنى تثير دهشة أكبر، وتدل على حالة رعب قل أن نجد مثلها فى بلدان صغيرة هشة. أصبح عدد أفراد الحرس الوطنى المنتشرين فى أروقة المبنى أكبر بكثير من عدد أعضاء مجلسى الكونجرس معًا.
والأرجح أن حالة الرعب هذه باقية بعد انتهاء إجراءات التنصيب بسلام، لأنها ترتبط بخوف مرضى. فقد وصل رعب بعض أعضاء الكونجرس إلى حد التشكيك فى نيات زملاء لهم، والخوف من أن يكونوا مصدر خطر من الداخل، لمجرد أنهم متعاطفون مع بعض المجموعات اليمينية.
ويُتهم المشكوك فيهم بأنهم ساعدوا مقتحمى مبنى الكابيتول ، وأتاحوا لهم معرفة تفصيلية بردهاته وقاعاته. ويعيش الأعضاء الخائفون، على هذا النحو، فى أجواء توحى لهم بوجود مؤامرة عليهم، فى الوقت الذى لا يكفون عن مهاجمة مجموعة "كيو أنون" التى شارك بعض أعضائها فى اقتحام المبنى، لأنها تؤمن بأن ترامب أُقصي عبر التآمر عليه، لكيلا يتصدى لمؤامرات خطيرة.
ومن أكثر الخائفين رئيسة مجلس النواب نانسى بيلوسى ، التى أمرت بوضع أجهزة تفتيش إضافية يدخل منها أعضاء المجلس.
وفى هذه الأجواء المتشنجة التى لا تقتصر على واشنطن ، يبدأ بايدن فترة رئاسته، دون رؤية لكيفية وضع حد للانقسام العميق الذى خلقت تراكماته هذه الأجواء.