بقلم :د. وحيد عبدالمجيد
دونالد ترامب ليس مجرد رئيس خسر الانتخابات، فلم يعد أمامه إلا الاعتزال مثلما فعل مرشحون خاسرون قبله مثل جورج بوش الأب الذى فشل بدوره فى الفوز بفترة رئاسة ثانية. مثَّل ترامب ظاهرة تضم ملايين الأمريكيين الذين لا يمكن إسكات أصواتهم عبر السعى إلى إخراجه من الساحة السياسية بشكل كامل، إمعاناً فى الانتقام الذى يسهل أن نراه مُجسدَّاً فى تعبيرات وجوه بعض قادة الحزب الديمقراطى ، بل كثير منهم.
وسواء بقى كل من اقترعوا لمصلحة ترامب فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة (74 مليونًا و223 ألفًا) مؤيدين له حتى النهاية، أو انصرف بعضهم، سيظل ملايين كُثُر شوكة فى حلق الإدارة الجديدة ورئيسها الذى يبدو ضعيفًا أمام أشباه ترامب فى قيادة حزبه، وعاجزًا عن وضع حد لدوامة انتقام يُريدون إدخال المجتمع الأمريكى فى قلبها، على نحو قد يتعذر الخروج منه دون خسائر تطول الجميع، وقد تكون كبيرة. كانوا ينتظرون، بل الأرجح أن بعضهم تمنوا، أن يتسبب افتعال ترامب بسبب خسارته الانتخابات فى خطأ فادح، للانقضاض عليه مثل البقرة التى تقع فى المثل الشعبى المصرى، بعد أن أضعفه هذا الخطأ وفرض عليه الانتقال من موقف الهجوم إلى وضع الدفاع.
فقد انتزعوا المبادرة وشحذوا على الفور أسلحتهم السياسية والقانونية لخوض حملة من أجل إخراجه من البيت الأبيض قبل موعد خروجه الطبيعى فى 20 يناير الحالى، وهم يعرفون أن نائبه الذى وقف ضده فى يوم تصديق الكونجرس على نتيجة الانتخابات لن يتحرك لإقالته قبل أيام قليلة على موعد مغادرته.
كما يدركون استحالة عزل ترامب عن طريق محاكمة برلمانية ثانية لا يتسع الوقت الباقى لها، حتى بافتراض تمكنهم من «طبخها» فى مجلس النواب اعتمادًا على أغلبيتهم.
وما التحرك لعزل ترامب، والحال هكذا، إلا جزء من حملة انتقام لا تُولَّد إلا المزيد منه. ولا يقل أهمية فى هذا كله، إن المنتقمين ينسون، أو يتناسون، أن سيطرتهم على الإدارة الفيدرالية الجديدة تحققت بفرق طفيف فى الانتخابات الرئاسية، وانتخابات مجلس الشيوخ ، وهذا الفرق لا يعطيهم تفويضًا للتصرف كما لو أنهم أصحاب أغلبية ساحقة.