دولة «البقـالة» و«الجـزارة»

دولة «البقـالة» و«الجـزارة»!

دولة «البقـالة» و«الجـزارة»!

 عمان اليوم -

دولة «البقـالة» و«الجـزارة»

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

كلما اقترب شهر رمضان فى كل عام، أعلنت بعض أجهزة الدولة حالة تعبئة تحت شعار توفير السلع للمواطنين بأسعار معقولة. وهذا شعار لا يرتبط بشهر رمضان وحده، لأنه مرفوع طول الوقت. ولكنه يظهر بوضوح أكثر كلما هلت بشائر الشهر الكريم.

وبغض النظر عن مدى جدية مثل هذا الشعار وصدقيته، فهو يثير سؤالاً مسكوتاً عنه بحكم التعود على سياسات عامة جامدة لا تتغير ولا تتجدد، ويُعاد إنتاجها منذ أكثر من نصف قرن. والسؤال هو: هل من وظائف الدولة أن تعمل بقاَّلاً وجزاَّراً وبائع خضار وفاكهة. فقد كان مفهوماً أن تفعل بعض الدول ذلك فى مرحلة تنامى خلالها الاعتقاد فى أن العدالة الاجتماعية تتحقق عبر تحمل سلطة الدولة المسئولية عن المجتمع، فى إطار تدخلها فى كل شئ فى حياة الناس بأساليب بعضها مشروع وأكثرها ينطوى على انتهاك لحريتهم وخصوصيتهم، ويؤدى إلى إضعاف قدرتهم على المبادرة والإبداع والابتكار والمشاركة فى الشأن العام. وقد فشلت دولة «البقالة» و«الجزارة» فى تحقيق عدالة اجتماعية, ولم يبق منها الا شعارات خاوية0 فأى أثر فعلى يمكن أن يحققه طرح كميات من السلع بأسعار قد تكون مخفضة سواء فى المجتمعات الاستهلاكية، أو فى سيارات تجوب بعض الشوارع، فى بلد وصل عدد سكانه إلى 90 مليوناً يعانى نصفهم على الأقل درجات متفاوتة من الفقر؟ واذ يبدو هذا الأثر ضئيلا, يصبح الاستمرار فى هذا النوع من السياسات تعبيرا عن أن صانعيها لا يعرفون الأساليب الحديثة لتوفير السلع بأسعار عادلة للمواطنين. ومن أهم هذه الأساليب خلق آلية لحوار مستمر بين ممثلى القطاعات الأساسية الثلاثة المعنية بهذا الموضوع، وهى اتحادات المنتجين وروابط التجار وجمعيات المستهلكين.

ووظيفة الدولة الحديثة هى أن تضع هذه الآلية وتوفر المقومات اللازمة للحوار الذى يقوم عليها، وتقوم بدور الوساطة عند اللزوم بين أطراف هذا الحوار، وخاصة فى بدايته، وتُيَّسر سبل التوصل إلى النتيجة المستهدفة وهى هامش الربح المنصف لكل من المنتج والتاجر سواء الكلى أو الجزئي، والسعر العادل للمستهلك.

وهذه الطريقة الحديثة تُخفَّف الأعباء التى تضعها الدولة التقليدية غير الحديثة على عاتق أجهزتها، وتضمن تحقيق ما يستحيل إنجازه بوسائل عفا عليها الزمن. ولكن هذه الطريقة تتطلب وجود مجتمع مدنى قوى وحيوي، لأن ممثلى القطاعات الثلاثة جزء منه.

omantoday

GMT 07:07 2021 الخميس ,25 شباط / فبراير

جائزة تذَكًّر بمي غصوب

GMT 08:31 2021 الأربعاء ,24 شباط / فبراير

'أخلاق مُفترى عليها'

GMT 07:44 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

آفة الجمود

GMT 07:39 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

استعادة الفضاء الافتراضي

GMT 06:57 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

تسييس الرياضة دوليًا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دولة «البقـالة» و«الجـزارة» دولة «البقـالة» و«الجـزارة»



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab