بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
عام مفصلى لإعادة بناء الثقة. هذا عنوان دورة المنتدى الاقتصادى العالمى أو منتدى دافوس ، التى عُقدت افتراضيًا قبل أيام للمرة الأولى منذ تأسيسه عام 1971، على أن تُعقد تالية أو مُكملة حضوريًا فى مايو المقبل فى سنغافورة للمرة الأولى أيضًا.
لا يهتم منظمو هذا المنتدى عادةً بمسألة التفاوت فى العالم، وهم الذين لاتزال توجهات الليبرالية الجديدة مرجعيتهم الفكرية. فقد كان منتدى دافوس أول منصة للتفكير والحوار تُقام على أساس هذه التوجهات حين كانت فى بداياتها الأولى. ولكن تداعيات جائحة كورونا الاقتصادية والاجتماعية فرضت على المنتدى الاهتمام بمسألة التفاوت فى تقريره السنوى، الذى نُشر فى منتصف يناير الحالى.
فقد تضمن هذا التقرير، على سبيل المثال، إقرارًا بأن تفشى فيروس كورونا أدى إلى توسع الفوارق فى الدخول، وفى مستويات الرعاية الصحية، وبات يهدد بتبديد جهود استمرت سنوات وحققت تقدمًا باتجاه خفض معدلات الفقر وعدم المساواة.
ويعنى هذا أن مُعدى التقرير توجهوا إلى اقتصاديين يختلفون مع توجهات المنتدى ضمن من قاموا باستطلاع آرائهم وتقديراتهم حول الأخطار التى تُهدَّد العالم فى ظل الجائحة. فهذا التقرير يعتمد بالأساس على استطلاع آراء مجموعة من مديرى الأعمال والمسئولين فى دول عدة، فضلا عن علماء وخبراء اقتصاد يختارهم مُعدوه.
ويصعب الآن تقدير هل أثرت تداعيات الجائحة فى توجهات إدارة منتدى دافوس ، أم أن تقريره الجديد ليس إلا رد فعل عابر على هذه التداعيات.
ولن نجد جوابًا عن هذا السؤال إلا بعد انتهاء الجائحة، خاصًة أن منظمى دورة المنتدى لم يضعوا هذه القضايا ضمن المحاور الخمسة الرئيسية. ولكن بعض المتحدثين أثاروها فى كلماتهم أو تعليقاتهم فى المحور الأول عن تصميم أنظمة اقتصادية متماسكة ومرنة، والمحور الثالث عن إدارة الموارد العالمية، والمحور الخامس عن النهوض بالتعاون الدولى والإقليمى. وربما يكون اهتمام تقرير المنتدى بقضايا التفاوت فى الدخول والرعاية الصحية وازدياد عدم المساواة مؤشرًا إلى إرهاصات وعى جديد فى أوساط أنصار الليبرالية الجديدة ، فى لحظة يتجلى فيها مدى خطر هذا التفاوت.