د. وحيد عبدالمجيد
إحدى سمات الدول غير الدستورية هى أنها تصدر دساتير ولا تحترمها. وما يحدث فى مصر الآن ليس إلا عودة إلى حالة الدولة غير الدستورية التى كانت قائمة فى ظل دستور 1971.
فلم يكد الدستور الجديد يصدر حتى بدأ الخروج عليه بأسرع مما توقع أحد سواء عبر مخالفته أو التلاعب به.
وما الاستناد فى تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية إلى المادة 228 فى باب الأحكام الانتقالية إلا نوع من التلاعب بالدستور لتبرير الإصرار على استمرار هذا التحصين فى غياب نص مشابه لذلك الذى ورد فى المادة 28 من إعلان مارس 2011. فقد نصت تلك المادة صراحة على تحصين قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية من الطعن القضائى عليها0 وثمة فرق جوهرى بات بين تطبيق المادة 28 من الإعلان الدستورى الأسبق بما تنطوى عليه من نص صريح واضح، وبين محاولة التلاعب بالمادة 228 من الدستور الجديد.
ولنتأمل معاً نص هذه المادة ويحكم كل منا عليها وفق قراءته: (تتولى اللجنة العليا للانتخابات ولجنة الانتخابات الرئاسية القائمتين فى تاريخ العمل بالدستور الإشراف الكامل على أول انتخابات تشريعية ورئاسية تالية للعمل به، وتئول إلى الهيئة الوطنية للانتخابات فور تشكيلها أحوال اللجنتين). فهل توجد أى كلمة، أو حتى حرف، فى هذا النص تتعلق بتحصين قرارات هذه اللجنة أو تلك؟ وأليس هذا نصاً محض إجرائى يوضح أن لجنة الانتخابات الرئاسية ولجنة الانتخابات البرلمانية هما اللتان ستشرفان على أول انتخابات للرئاسة ولمجلس النواب بعد إصدار الدستور لسبب لا علاقة له بتفاصيل اختصاص أى منهما وهو استحالة تشكيل الهيئة الوطنية التى استحدثها الدستور للإشراف على كل أنواع الانتخابات خلال شهور قليلة؟
وإذا كان الدستور نفسه نص على إخضاع قرارات الهيئة الجديدة المشكلة من كبار القضاة أيضاً لرقابة المحكمة الإدارية العليا، ألا يعبر ذلك عن قصد واضح للشَّرع الدستورى يرمى إلى تأكيد عدم جواز إلغاء هذه الرقابة؟
فهل يجوز بعد هذا كله أن نحصَّن قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية من رقابة القضاء، وما رأى أعضاء لجنة الخمسين الذين لم نسمع لهم صوتاً فيما يتعرض له الدستور من انتهاك وتلاعب. فيا أصدقاءنا فى لجنة الخمسين:سمعونا صوتكم و أجيبونا:هل كنتم تضيعون وقتكم ووقتنا؟