بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
حدث تاريخى لكنه ليس مفصولاً عن سياق النضال الطويل من أجل الديمقراطية، ثم المحافظة عليها. للمرة الأولى فى تاريخ البرازيل تُنظر قضية محاولة انقلاب ضد رئيس مُنتخب، ويُحاكم رئيس سابق بتهمة بتدبير هذه المحاولة. لم يُحاكم الرئيس الحالى لولا داسيلفا عام 2018 عقب انتهاء فترة رئاسته السابقة بمثل هذه التهمة بل بسبب اتهامه بالفساد. وقد حُكم عليه بالسجن الذى أمضى فيه نحو 18 شهرًا، ثم برأته المحكمة العليا فى مارس 2021. ولكن الرئيس السابق جايير بولسونارو الذى حكم البرازيل بين عامى 2019 و2022 سيُحاكم بتهمة تدبير محاولة انقلاب. هذا ما قررته المحكمة العليا فى جلسة تاريخية قبلت خلالها الاتهام الموجه ضد بولسونارو بأنه قاد مع سبعة من الوزراء السابقين محاولة انقلاب على الدستور بهدف البقاء فى السلطة بأى ثمن بعد خسارته فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة عام 2022. ويشمل الاتهام الموجه ضده من النيابة العامة دعم أعمال عنف قام بها أنصاره فى 8 يناير 2023 عندما اقتحموا مقار سلطات الدولة الثلاثة فى برازيليا. محاكمة تاريخية تدل على أن منحنى الديمقراطية فى حالة صعود بالبرازيل بعكس الحال فى دول أخرى كان كل منها يعتبر نموذجًا للنظام الديمقراطى. وهذا ما يُستنتج من أى مقارنة بين البرازيل والولايات المتحدة التى نُظر إليها طويلاً بوصفها القلعة القوية للديمقراطية وحكم القانون. فقد بدأت إجراءات محاكمة الرئيس السابق بولسونارو فيما جُمدت عملية محاكمة الرئيس الحالى دونالد ترامب فى تُهم قريبة بعضها من تلك الموجهة ضد نظيره البرازيلى، بل نكاد نجد تشابهًا كاملاً بشأن الاعتداء على مقار سيادية بهدف محاولة تغيير نتائج انتخابات رئاسية بواسطة العنف. فما أشده الشبه بين اقتحام مقر السلطة التشريعية فى الولايات المتحدة فى 6 يناير 2021، واقتحام مقار السلطات الثلاثة فى البرازيل فى 8 يناير 2023. وأكثر من ذلك يُحاكم المتهمون باقتحام هذه المقار فى البرازيل بعد أسابيع من إعلان عفو عام عمن أُدينوا فى جريمة الهجوم على مقر الكونجرس فى الولايات المتحدة. ألا يبدو الاختلاف جليًا، إذن، بين منحنى الديمقراطية فى كلٍ من البلدين.