بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
مثيرة للغاية، متابعة التراشق المستمر بين بعض قادة «الإخوان» وعدد من الشيوخ السلفيين منذ الذكرى الثالثة لفض اعتصامى «رابعة» و«النهضة» فى 14 أغسطس الحالي، فقد استخدم كل من الطرفين كل ما يملكه من أسلحة التشهير ضد الآخر.
ولكننى توقفتُ بصفة خاصة عند وصف رئيس إحد أكبر الجمعيات السلفية «الإخوان» بأنهم سفهاء. وربما يكون هذا الوصف هو الأكثر تعبيراً عن ممارسات «الإخوان» بعد ثورة 25 يناير من الناحية الموضوعية، وبعيداً عن سيل الاتهامات المتبادلة بينهم وبين السلفيين الآن.
ولكن ما لم، ولن، يقله من وصف «الإخوان» بأنهم سفهاء هو أن السلفيين كانوا أول من استغل هذا السفه فى التعامل معهم0 فكانوا هم الذين شجعوا «الإخوان» على الحنث بعهودهم كلها, فصار قادتهم يكذبون وهم يظنون أنهم سيفلتون بالغنيمة، حتى دخلوا فى صدام شامل بدأ فى أول جمعية تأسيسية للدستور بعد الثورة.
وكان انسياق قادة «الإخوان» وراء السلفيين بعد الثورة أبرز مظاهر سفههم0 وسار التنظيم «الاخواني»، الذى كان عريضاً وقتها مسارا بلا عقل وراء من قادوه إلى التهلكة, منذ أن فرض الشيخ ياسر برهامى وأتباعه سطوتهم على الجمعية التأسيسية للدستور عام 2012. وانصاع أعضاء هذه الجمعية من «الإخوان» لهذه السطوة0 ورغم أن بعضهم لم يكن مرتاحاً لذلك الانقياد, لم يمتلك أى منهم شجاعة المجاهرة بموقفه، بل نفذوا جميعهم تعليمات قادتهم الذين ظنوا أن السلفيين سيساعدونهم فى الهيمنة على البلاد.
لم يفهم هؤلاء ولا أولئك أن السلفيين سيبيعونهم فى أول منعطف، ليس فقط نتيجة محدودية عقلهم وضعف معرفتهم حتى بالتيارات الدينية الأخري، ولكن أيضاً بسبب سفههم الذى تصعب مداواته.
ولذلك، فليست مفارقة أن رئيس الجمعية السلفية الذى أصبح ثالث ثلاثة فتحوا النار على «الإخوان» أخيراً فى فضائية يملكها أحدهم كان مسئولاً كبيراً فى هذه الجمعية حين أسهم رئيسها الراحل فى دفع «الإخوان» إلى الصدام الذى قادهم إلى التهلكة.