بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
خلاف متكرر حدث خلال العقد الماضى حول وضع الطبقة الوسطى بين من يرون أنها تآكلت بفعل السياسات الاقتصادية «النيوليبرالية»، ومن يعتقدون أنها توسعت.
ويعود هذا الخلاف الى صعوبة تحديد أين تبدأ هذه الطبقة تحديداً، وأين تنتهى، لأنها تشمل الشرائح التى تقع فى مساحة تمتد من حيث تنتهى الفئات الدنيا إلى حيث تبدأ الطبقة الاجتماعية الأكثر ثراء. وتزداد صعوبة هذا التحديد فى مجتمع اتسم الحراك الاجتماعى فيه بعشوائية شديدة منذ منتصف السبعينيات.
غير أن نتائج البحث الذى أجراه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن الدخل والإنفاق والاستهلاك عام 2015 يمكن أن تفيد فى تطوير النقاش حول هذا الموضوع.
تفيد هذه النتائج أن نسبة الفقراء (الفئات الدنيا) الذين لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية من الغذاء وغيره وصلت إلى 27.8%. كما توضح وجود فجوة هائلة بين 10% من المصريين الأعلى إنفاقاً، وكل من هم فى مستوى أدنى من حيث القدرة على الإنفاق.
فقد قسم البحث السكان على عشر شرائح يمثل كل منها عُشر عدد السكان، أى 10% منهم. وتبين أن العُشر الأعلى إنفاقاً أنفق 25% من إجمالى ما أنفقه كل السكان، وأن العشرين اللذين يليانه (20%) ويمثلان الشرائح العليا من الطبقة الوسطى تفصلهما مسافة كبيرة عنه (14%، و 11.4% على التوالى).
وإذا نظرنا إلى باقى السكان (70%) نلاحظ أن الفروق بين إنفاق الشرائح الدنيا الأكثر فقراً والشرائح الوسطى العادية ليست كبيرة. فهى على التوالى بدءاً بالأدنى كالتالى: 4.2%، ثم 5.5%، ثم 6.3%، ثم 7.1%، ثم 7.9%، ثم 8.8%.
وإذا أمكن استخلاص نتيجة أولية فهى أن المسافة بين الفئات الثلاث الدنيا (30% من السكان) التى تنفق فى مجملها 16%، والفئات الأربع الوسطى (40%) التى تنفق نحو 30% من إجمالى الإنفاق، باتت قريبة. وربما نجد فى نهاية العام الحالى أنها اقتربت أكثر، وخاصة إذا أدخلنا متغيرات أخرى فى المقارنة. غير أن هذا الاستنتاج الذى يوحى بأن الطبقة الوسطى بدأت فى التآكل مازال فى حاجة إلى دراسة أكثر عمقاً.