د. وحيد عبدالمجيد
ليس ممكناً كسب معركة شرسة ضد الإرهاب من خلال حرب قديمة جديدة تقوم على سياسة عشوائية تهدف إلى اصطياد بعض الإرهابيين وتدمير مواقعهم هنا أو هناك فى العراق وسوريا. ورغم اعترف أوباما أخيرا بأن إدارته وأجهزته الاستخباراتية أساءت تقدير خطر الإرهاب, لم يتغير شىء فى الحرب الممتدة ضده منذ 2001، الأمر الذى قد يدل على أنه ليس فى إمكان الولايات المتحدة أبدع مما كان فى هذا المجال.
ولذلك ينبغى أن يتحمل العرب اليوم مسئولية بلورة استراتيجية جديدة لمواجهة الإرهاب بدءا بإثارة السؤال البسيط والمنطقى الذى يعترف بعض القادة العسكريين الأمريكيين ضمناً بضرورته ولكن دون أن يثيروه حين يشككون فى فاعلية حرب تعتمد على غارات جوية بالأساس فى حسم صراع ضد الإرهاب عموماً، وتنظيم الدولة الذى مازال معروفاً باسم «داعش» خصوصاً.
والسؤال هو: كيف يمكن مواجهة إرهاب وصل إلى هذا المستوى من التمدد والتسلح والتمول اعتماداً على غارات جوية ومعارك برية محدودة تخوضها وحدات عسكرية كردية وميليشيات شيعية متطرفة، أى عبر طرفين يثير كل منهما استفزاز البيئة الشعبية المجتمعية(العربية السنية) التى يجوز اعتبارها صاحبة القول الفصل فى الحرب على الإرهاب؟ فهذه حرب تتوقف نتائجها على حماس القوى السُنية العشائرية والسياسية من عدمه.
وقد تتفاقم مشكلة هذه القوى فى حالة تدخل القوات التركية أيضاً، إذا أدى ذلك إلى مفارقة لا يجوز استبعادها رغم أنها قد تبدو للبعض عبثية، وهى أن يزعم تنظيم إرهابى أنه يدافع عن «العروبة»! فإذا كان صدام حسين بدا لقطاع غير محدود من العرب فى وقت ما أنه رمز «العروبة» فليس لدينا اليوم ترف الرهان على استحالة أن يبدو «داعش» كذلك. فإذا تخلى من يجدر بهم رفع لواء العروبة عن هذه المهمة، فليس مستبعداً أن تجد لها رأساً «داعشياً» بعد أن فقدت رأسها «البعثى»، علماً بأن التنظيم المرشح للسطو على هذا الدور يضم أعداداً غير معروفة ولكنها ليست قليلة من حزب صدام حسين وجيشه.