د. وحيد عبدالمجيد
فضلاً عن مخالفة قانون التظاهر بصيغته الحالية للدستور، فهو قانون عجيب وفق أى مقياس ديمقراطى، ولكنه معتاد بالمقاييس التسلطية بل ربما يجوز اعتباره «مثالاً» لما تصنعه العقلية «الأمنوية» ــ أى التى تتذرع بالأمن لمصادرة الحقوق ــ حين يُترك التشريع لها.
فأغلب مواد هذا القانون موجودة بمبناها أو معناها فى قانون العقوبات، لأنها تتعلق بممارسات ليست لها علاقة بالتظاهر الذى ينبغى أن يكون سلمياً أو لا يكون. فلا صلة على سبيل المثال لقطع الطرق بالتظاهر الذى يُعتبر ـ بحكم التعريف ـ أحد أشكال التعبير عن الرأى أو الموقف أوالطلب فى مكان عام بالقول والهتاف ورفع اللافتات لكى تصل رسالة المتظاهرين إلى الجميع.
فإذا جاء من يقطع طريقاً يُعتبر خارجاً على القانون، الذى هو فى هذه الحالة قانون العقوبات وليس قانون التظاهر. ولا يُعتد بادعائه أنه يتظاهر لأن العبرة بالفعل فى ممارسته على الأرض. فإذا تعارض الفعل مع اسم يُطلق عليه، يصبح هذا الاسم منعدماً لأن هناك اسماً آخر ينطبق على ذلك الفعل.
وهذا هو بعض ما ينبغى أن يعرفه من يصرون على بقاء قانون التظاهر بصيغته التسلطية الحالية ويعرقلون الاتجاه إلى تعديله، حتى بعد أن طلب الرئيس عبد الفتاح السيسى من «الأهرام» فتح حوار شبابى يشمل، ضمن ما يشمله، هذا القانون.
وليتهم يعرفون أيضاً حقيقة قوانين التظاهر فى دول ديمقراطية يزعمون أنها لا تختلف عن هذا القانون من خلال الاطلاع عليها، وليس عبر النقل عن بعضهم البعض أو مشاهدة «فيديو» تقوم فيه الشرطة بفض تجمعات لا تدخل فى اطار التظاهر السلمى0 فالقوانين التى تنّظم التظاهر فى الدول الديمقراطية تتعلق بالفعل الذى تتوفر فيه مقومات التعبير عن الرأى فى مكان عام بشكل سلمى، أما أشكال التجمع الأخرى التى تفتقد هذه المقومات فهى تخضع لقوانين العقوبات وليس التظاهر.
ولا يتيح قانون التظاهر للسلطات المختصة أن تقدّر الموقف حسب ما تراه، وليس وفق ما هو واقع. وإذا كان لها أن تجتهد ففى مجال الإباحة فقط وليس التقييد، كأن تتيح للمتظاهرين على سبيل المثال فترة أطول مما هو محدد فى الإخطار المتعلق بالتظاهرة إذا وجدت أن الأمر يستدعى ذلك ولا يترتب عليه ضرر.