د. وحيد عبدالمجيد
كثيرة هى الآلام التى أوجعت المؤمنين بحرية الصحافة خلال المناقشات التى شهدها الملتقى الثالث للمدافعين عن حرية الإعلام فى العالم العربى الذى نظَّمه مركز حماية وحرية الصحفيين بالأردن يومى 10 و11 مايو الحالى. لكن شدة هذه الآلام لم تحل دون التعبير عن آمال عريضة فى قدرة شباب الصحفيين بصفة خاصة على انتزاع الحرية التى تتيح لهم آفاقاً أوسع للعمل رغم المخاطر غير المسبوقة التى تواجه من يعملون منهم فى تغطية أحداث العنف فى عدد متزايد من البلدان العربية.
وتتميز مؤتمرات مركز حماية وحرية الصحفيين بارتفاع مستوى الحوار ودخوله فى العمق بسبب خبرته المتراكمة منذ تأسيسه عام 1999، ونتيجة التحضير الجيد لهذه المؤتمرات، فضلاً عن طريقة تنظيمها التى تشمل جلسات عامة وأخرى متوازية تشبه ورش العمل وتتوافر فيها فرصة أكبر للحوار.
ورغم الاهتمام الكبير فى هذا الملتقى بتوسع نطاق العنف ضد الصحفيين وانتشار خطاب الكراهية ، فقد ناقش المشاركون مختلف مؤشرات التراجع الملموس فى حرية الإعلام بوجه عام فى هذه البلاد.
ولم يكن تقرير «التصنيف العالمى لحرية الصحافة» لعام 2014، الذى كان صادراً لتوه عن مؤسسة «مراسلون بلا حدود» حين عُقد هذا الملتقى، هو المصدر الوحيد الذى يؤكد تراجع مؤشرات الحرية فى العالم العربى. فقد تطابقت مؤشرات هذا التقرير تقريباً مع ما توصل إليه قبله تقرير آخر أعده مركز حماية وحرية الصحفيين بالتعاون مع مؤسسات أخرى. وتشمل هذه المؤشرات، إلى جانب التهديد المتزايد لحياة الصحفيين الميدانيين أو المراسلين فى عدة بلاد عربية، توسع السلطات فى فرض مزيد من القيود على الإعلام عموماً.
وبلغت هذه القيود أعلى مبلغ فى الإعلام الالكترونى على نحو يؤدى إلى إدراج عدد من البلدان العربية ضمن قائمة «أعداء الانترنت» فى العالم.
فقد ازدادت محاولات فرض الرقابة المباشرة وغير المباشرة، بما فى ذلك ابتكار أشكال جديدة من الإرهاب المعنوى لإرغام صحف أو صحفيين على فرض رقابة ذاتية على أنفسهم. ويمثل التلاعب بالتشريعات أحد أهم الأدوات التى حدث توسع فى استخدامها لتقييد الحرية.
ولذلك أصبحت الصحافة فى خطر كبير لا يقتصر على بعض أبناء هذه المهنة الذين يفقدون حياتهم أو يُصابون خلال أداء عملهم.