د. وحيد عبدالمجيد
تساءل الصديق سليمان شفيق، فى مقالة مهمة عما إذا كان ما سماه (التلاهف لتمثيل الأقباط فى القوائم الحزبية المختلفة من أجل أن يُمثل قطاع مجتمعى كبير بالفعل، أم لمجرد ملء فراغ لابد منه فى هذه القوائم لإكسابها المشروعية القانونية؟).
وأصبح السؤال ملحا، بعد إعلان مشروع قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، ليس فقط بالنسبة إلى الأقباط، ولكن بشأن مختلف الفئات التى أعطاها الدستور أوضاعا خاصة. فقد نص الدستور فى المادة 11 على (ضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسباً فى المجالس النيابية) بوجه عام وبشكل مستمر، وعلى تمثيل أطلق عليه «ملائم» لخمس فئات أخرى هى العمال والفلاحون، والشباب ، والمسيحيون، والأشخاص ذوو الإعاقة، والمصريون المقيمون فى الخارج، فى أول مجلس للنواب يُنتخب بعد إقرار هذا الدستور (المادتان 243 و244).
وفى غياب تعريف يمكن الاتفاق عليه للتمثيل «المناسب» ونظيره «الملائم»، اجتهد المشَّرع فاعتبر أن الأول أقوى من الثانى لأسباب لا نعرفها، كما رأى أن التمثيل الملائم ليس شيئا واحدا، بل يختلف باختلاف الفئات التى حددَّها الدستور، ولذلك تفاوت تمثيل هذه الفئات بين 16 و56 مقعدا.
غير أن المشكلة لا تقف عند غياب المعايير الكمية. فنوع التمثيل لا يقل أهمية عن كمه، إن لم يزد. وهذا هو مغزى السؤال الذى أثاره شفيق بشأن تمثيل الأقباط عندما لاحظ من متابعته لما سماه «القوائم المسربة» أنها تضم جالسى الصفوف الأولى فى الكنائس وأعضاء الحزب الوطنى المنحل وشركاء للإسلاميين.
ولا تقتصر هذه المشكلة على تمثيل الأقباط، لأن نظام الانتخاب البدائى يمنح واضعى القوائم الانتخابية وصاية على مختلف الفئات التى تحظى بأوضاع خاصة. فهم الذين يختارون ممثلى هذه الفئات، ليجد الناخب أمامه عدة قوائم يضم كل منها أسماء محددة لا يعرف الكثير منها أو معظمها، خاصة فى القائمتين اللتين يضم كل منهما 45 مرشحاً، لأن إحداهما تشمل 6 محافظات (القاهرة والقليوبية والدقهلية والمنوفية والغربية وكفر الشيخ)، بينما تمتد الثانية فى 11 محافظة (الجيزة والفيوم وبنى سويف والمنيا وأسيوط والوادى الجديد وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان والبحر الأحمر).
ولذلك نخشى بالفعل أن يتحول تمثيل الفئات التى ميزها الدستور إلى تمثيلية.