د. وحيد عبدالمجيد
استخدم الكاتب الأمريكى المعروف بأطروحاته المثيرة للجدل فرانسيس فوكوياما تعبير «الفيتوقراطية» للإشارة إلى تعطل العمل فى ظل نظام ديمقراطى يتحول فيه التوازن بين المؤسسات عن هدفه- وهو ضمان رقابة متبادلة تتيح التصحيح فى الوقت المناسب- إلى تعطيل هذه المؤسسات. وفى هذه الحالة التى يفرط فى تعميمها، يبدو كما لو أن هناك فريقين يمتلك كل منهما حق النقض (الفيتو)، تجاه الآخر. ومن هنا جاء تعبير «الفيتو» قراطية.
ففى كتابه الأخير «النظام السياسى والأفول السياسى: من الثورة الصناعية إلى عولمة الديمقراطية» يبدو فوكوياما مهموماً بافتقاد الديمقراطية بريقها، وعجز كثير من النظم التى تأخذ بها وفق ما يعتقده عن أداء واجباتها التى تُنتخب من أجلها.
ولكن أوباما يظل، مثلما كان، أسير نظرة محدودة محصورة فى الغرب الذى سبق أن رأى فى انتصاره على الشيوعية «نهاية التاريخ»0 وعندما يتوسع قليلا أو يحاول، يلجأ إلى الانتقاد، فيشير مثلاً إلى حالة البرازيل الآن وليس ما كانت عليه قبل 5 أو 6 سنوات، أو ما يمكن أن تصبح عليه بعد سنوات أخرى. ويتجاهل حالات أخرى مختلفة فى أمريكا الجنوبية مثل أوروجواى التى ترك رئيسها الأكثر زهداً فى العالم خوسيه موجيكا الحكم قبل أسابيع قليلة بعد أن أنهى فترة رئاسته الوحيدة التى يسمح بها الدستور فى هذا البلد.
وربما لا يعرف فوكوياما أن النظام غير الديمقراطى هو فى الأغلب الأعم معطَل (بفتح الطاء) ومعطِل (بكسرها) لتقدم البلاد التى يتسلط عليها. فمن أهم سمات هذا النظام صراع الأجهزة فى داخله. ففى غياب مؤسسات منتخبة يستطيع الشعب محاسبتها وتغيير القائمين عليها، تصبح الأجهزة (الأمنية فى الأغلب) هى اللاعب الرئيسى الذى لا يعرف هذا الشعب شيئاً عنه ولا يدرى ما يفعله به وبالبلد. وفى ظل الصراع بين هذه الأجهزة، والذى يحدث عادة تحت السطح ومن وراء حُجب غليظة، تتكون شبكات مصالح ويتنامى الفساد يوماً بعد يوم وتتدهور الأوضاع. ويحدث هذا كله بطبيعة الحال فى غياب رقابة ومساءلة، حيث لا يعرف أحد من يفعل ماذا وكيف ولماذا.
ولذلك يظل النظام الديمقراطى حتى فى حالاته التى يحدث فيها ما يسميه فوكوياما «فيتوقراطية» هو الأفضل على الاطلاق لأنه قابل للتصحيح, بعكس النظام الاسنبدادى بمختلف أشكاله وأنواعه.