د. وحيد عبدالمجيد
ليت من أصابهم اليأس وظنوا أن أهداف ثورة 25 يناير ضاعت ينظرون حولهم ويتابعون الأوضاع فى بلاد الجيلين السابقين من الثورات قبل جيل “الربيع” العربى.
فلم يحقق بلد واحد من بلاد هذين الجيلين من الثورات التحول الكامل نحو الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية، وإن قطع كثير منها أشواطا نحوها ولكن من خلال خطوة إلى الأمام وأخرى إلى الوراء فى خط متأرجح أومتذبذب.
فالقاعدة العامة المستنبطة من قراءة تاريخ الثورات الشعبية منذ الثورة الفرنسية الكبرى عام 1789 هى أن هذا النوع من الثورات يحقق أهدافه فى النهاية مهما تعثر، وهو لابد أن يتعثر، فى البداية.
وها هى بلاد شرق ووسط أوروبا التى خرجت بثوراتها من وراء الستار الحديدى السوفيتى تواجه مشكلات متفاوتة، رغم أنها تُعتبر الأفضل حظاً فى تاريخ الثورات الشعبية على مدى أكثر من قرنين، بسبب احتضان أمريكا وأوروبا الغربية لها وتقديم دعم مالى واستثمارى وتكنولوجى ومعرفى هائل لها.
ولننظر إلى بلغاريا التى أُجريت انتخاباتها البرلمانية المبكرة جداً الأسبوع الماضى بعد سقوط حكومة منتخبة بأغلبية مريحة0 فقد أساءت هذه الحكومة كسابقاتها تقدير الأمور فتنامت المعارضة ضدها وتحولت إلى احتجاجات شعبية قادها الشباب مرة أخرى إلى أن قدمت استقالتها.
وكان مثيراً أن ينضم الرئيس روسين بلفنلييف المحدود الصلاحيات فى إطار النظام البرلمانى المعمول به إلى المحتجين ويدعم مطالبهم التى اعتبرها مشروعة بسبب استمرار سيطرة شبكات المصالح الكبرى على الحكومة.
وكانت هذه هى الحكومة الرابعة التى تستقيل خلال 19 شهراً فى ظل حالة عدم استقرار سياسى تتجدد على فترات متقاربة منذ ربع قرن هو تاريخ بلغاريا الجديدة بعد الشيوعية. ومع ذلك لم يفقد عموم الشعب البلغارى الأمل فى تحقيق أهداف ثورته رغم معاناته المترتبة على عدم الاستقرار وتجدد الاحتجاجات. ولم تعد دعاية القوى المضادة للثورة، التى كانت قد نجحت فى تشويه الثوار خلال السنوات الأولى، تجد صدى.
فمع مرور الوقت، ومشاركة بعض القوى المضادة للثورة فى السلطة مجددا وحضورها فى برلمانات وحكومات عدة، انكشفت حقيقتها مرة أخرى أمام المجتمع وتأكد أن “نار الثورة” أرحم من “جنة” المافيات المعادية لها. ولذلك لنا أن نثق فى أن أهداف ثورة 25يناير ستتحقق وأن مصر الجديدة قادمة.