د. وحيد عبدالمجيد
خالف الناخبون البرازيليون التوقعات وأعادوا انتخاب الرئيسة ديلما روسيف رغم أن الفشل فى أدائها يفوق النجاح. و لذلك يثير التجديد لها السؤال عن مغزاه،
وهل يدل على أن الانتخابات لم تعد هى الطريق إلى التغيير فى كل الأحوال بخلاف ما يقوم عليه النظام الديمقراطى, أم على أن الشعوب تختار السيىء خوفاً من الأسوأ، أم أنها مازالت تثير إلهام الأغلبية؟ فالسياق الطبيعى وفق أصول النظام الديمقراطى يفترض أن يفضى إلى خسارة روسيف، وليس فوزها، بسبب سجلها الاقتصادى والاجتماعى السيىء على مدى ولايتها الأولى، بعد أداء أفضل لسلفها لولا داسيلفا. كما أن استمرار حزب العمال، الذى ينتمى إليه كل من روسيف وسيلفا، لمدة 12 عاماً يمثل فى حد ذاته دافعاً للتغيير عندما يعمل النظام الديمقراطى وفق أسسه المفترضة0 غير أن هذه الأسس تتعرض لمراجعات فكرية جادة الآن، بعد أن تكرر فشل الانتخابات فى تحقيق هدفها الأساسى وهو اختيار الأفضل أو تغيير السىء فى الوقت المناسب.
كما تخضع مسألة الانتخابات فى أمريكا اللاتينية بصفة خاصة لبحث جاد الآن من جانب خبراء التطور الديمقراطى بسبب تحول التجديد للرئيس لفترة ثانية إلى ما يشبه قاعدة ثابتة بغض النظر عن أدائه. فمنذ ثمانينيات القرن الماضى، لم يخسر إلا رئيسان فقط بعد ولايتهما الأولى، وهما أورتيجا فى نيكاراجوا وميخا فى الدومنيكان.
غير أن الإجابة التى تحتمل أن تتجه الشعوب إلى اختيار سيىء خوفاً مما هو أسوأ منه واردة أيضاً. فقد أثار صعود مرشح الحزب الديمقراطى الاجتماعى. أياسيو نيفيز للإعادة مع روسيف قلق قطاعات فى المجتمع تخشى توجهاته اليمينية المحافظة وآثارها السلبية على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مثلما خلق قلقاً لدى النظم التقدمية فى أمريكا اللاتينية بوجه عام.
فهذا الحزب ليس اجتماعيا، ولا صلة له بقضية العدالة التى تؤمن بها الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية. فهو حزب يمينى محافظ منحاز للأثرياء ورجال الأعمال. كما أن الحزب الاشتراكى (أو المسمى اشتراكياً) الذى أيده بعد خروج مرشحته مارينا سيلفا من الجولة الأولى لا يختلف كثيراً عن الحزب الديمقراطى الاجتماعى فى أنه ليس له من اسمه نصيب يُذكر.
فلا التزام للحزبين بالعدالة الاجتماعية التى يستمد حزب روسيف (العمال) شرعيته منها. ولذلك قد يكون المغزى الأهم لانتخابات البرازيل هو أولوية العدالة الاجتماعية فى البلاد التى حققت التحول الديمقراطى.