د. وحيد عبدالمجيد
ليس تغيراً فى السياسة الأميركية تجاهنا ما يحدث الآن، بل هو تطورً طبيعى يرتبط بعوامل مؤثرة فى عملية صنع هذه السياسة فى المقام الأول.
فالقضية ببساطة، وبعيداً عن الغوغائية الملحوظة فى جانب من الخطاب السياسى والإعلامى, هى أن إدارة أوباما تتعامل مع وضع معقد نتيجة القيود المفروضة عليها بحكم القانون الذى يلزمها بقطع العلاقات على أية دولة يحدث فيها تغيير لسلطة منتخبة بدون انتخابات.
ولأنها تدرك أهمية العلاقات مع مصر، كان عليها أن تعمل لإقناع المؤسسات التى تشارك فى عملية صنع السياسة الخارجية أو تؤثر فيها بأن ما يحدث فى مصر ليس انقلاباً. فهى لا تستطيع مخالفة القانون وإلا وقعت تحت طائلته، ولم تكن المسألة سهلة، لأن إحدى أهم مؤسسات صنع السياسة الخارجية اتخذت موقفاً متشدداً تجاه ما حدث فى مصر منذ اللحظة الأولى، وهى مجلس الأمن القومى. ولذلك كان على إدارة أوباما أن تبدأ بابداء التزامها بالقانون، ولكن بطريقة شكلية عبر تجميد مؤقت وجزئى للمساعدات العسكرية التى كان مفترضاً أن تحصل عليها مصر فى النصف الثانى من العام الماضى.
وتحركت فى الوقت نفسه لدى الكونجرس للحصول على غطاء قانونى يتيح لها مرونة فى التعامل مع القانون الذى لا تستطيع مخالفته، ونجحت فى ذلك بالفعل، حيث أعطاها الكونجرس هذه المرونة وفقاً للتقدم فى تطبيق خريطة المستقبل والالتزام بالقواعد الديمقراطية.
ولذلك أصبح فى امكانها أن تبدأ فى إرسال المعدات العسكرية التى جمدت شحنها إلى مصر بشكل تدريجى، بدءاً بمروحيات أباتشى. والأرجح أن شحن باقى المعدات التى سبق تجميدها، وتشمل صواريخ “هاربون” ودبابات “إم-1”، سيتوقف على الأجواء التى ستجرى فيها الانتخابات الرئاسية الشهر المقبل، ومدى توافر الضمانات المتعارف عليها عالمياً لديمقراطية العملية الانتخابية وعدالتها ونزاهتها وشفافيتها.
وهذا هو التحدى الرئيسى الذى يتعين علينا أن نستوعب أهميته. فالمرونة التى أتاحها الكونجرس لهذه الإدارة ليست مطلقة، بل مرتبطة بديمقراطية الانتخابات الرئاسية الوشيكة، وكذلك الانتخابات البرلمانية التى ستجرى بعدها.