د. وحيد عبدالمجيد
لم يعد الأمر يتطلب دراسة لسنوات طويلة، أو قراءة كثير من الكتب والأبحاث، لكى يكون المرء ضليعاً فى شئون النظم السياسية والدستورية. يكفى أن تضع «ميكروفوناً» أمامك، أو تعلق «المايك» فى ملابسك، أو تجلس لتكتب «مقالة» و«تفتى» فى أية قضية تتعلق بالنظام السياسى والدستورى.
ويصبح سهلاً، والحال هكذا، أن تعتقد أن النظام الرئاسى يعنى سلطات أكثر وأوسع لرئيس الجمهورية. ولِم لا، فمادام اسمه نظاما رئاسياً لابد أن يكون الأمر كذلك. ولذلك فإذا كنت من مؤيدى حصول رئيس الجمهورية على سلطة مطلقة، ستجد الحل فى تغيير نظام الحكم فى الدستور ليصبح رئاسياً.
غير أنه إذا كنت ممن يدرسون ويقرأون قبل أن يتكلموا أو يكتبوا، ستعرف أن النظام شبه الرئاسى ـ وليس الرئاسى ـ هو الذى يتيح لرئيس الجمهورية أكبر قدر من السلطة.
وعلى سبيل المثال، تبدو مشاركة البرلمان فى تشكيل الحكومة فى حالة واحدة لا ثانية لها فى ظل النظام شبه الرئاسى، وهى وجود أغلبية متماسكة معارضة لرئيس الجمهورية، أحد أهم ما يزعج من يظنون أن النظام الرئاسى أفضل. ولكنهم لا يعرفون أن موافقة البرلمان لازمة ليس فقط على كل وزير يختاره رئيس الجمهورية فى هذا النظام (الرئاسى)، ولكن أيضاً على تعيين كبار موظفى الحكومة فى مختلف القطاعات كافة.
ويتطلب ذلك مثول المسئول المرشح لأى منصب حكومى من المستوى الأول والثانى، بمن فيهم السفراء ورؤساء الهيئات العامة كلها، أمام لجان البرلمان للاستماع إلى كل واحد منهم ومناقشته وإصدار قرار بشأن صلاحيته من عدمها.أما فى النظام شبه الرئاسى الذى يأخذ به دستورنا، ففى إمكان رئيس الجمهورية أن يعين كل هؤلاء عبر قرارات جمهورية لا علاقة للبرلمان بها، باستثناء قرار تشكيل الحكومة التى ينبغى أن تحصل على ثقته لكى يتيسر التعاون بينهما، وليس لتقييد سلطة الرئيس. كما أن رئيس الجمهورية فى النظام شبه الرئاسى ليس مسئولاً بشكل مباشر أمام البرلمان، بخلاف النظام الرئاسى. فالحكومة فى هذا النظام هى التى تخضع للمساءلة البرلمانية، وليس الرئيس الذى يعينها بشكل منفرد فى معظم الحالات أو كلها إلا فى حالة واحدة كما أشرنا من قبل.
ولذلك ننصح من يفضلون سلطات أكثر وأوسع للرئيس، ويستسهلون الكلام والكتابة بدون معرفة، أن يكفوا عن الترويج للنظام الرئاسى لأنه يتعارض مع ما يرغبون فيه.