الرياض ـ بغداد قراءة متأنية لوقائع متسارعة

الرياض ـ بغداد... قراءة متأنية لوقائع متسارعة

الرياض ـ بغداد... قراءة متأنية لوقائع متسارعة

 عمان اليوم -

الرياض ـ بغداد قراءة متأنية لوقائع متسارعة

بقلم : مصطفى فحص

في بغداد، بوسع الزائر للعاصمة العراقية الاكتفاء بقليل من اللقاءات ليكتشف أن داخلاً عراقياً جديداً يتشكل، تتبلور من خلاله مقاربة جديدة للسيادة والهوية بعيداً عن المذهبية أو الطائفية، ويعاد فيه الاعتبار لعروبة العراق، ولكن شريطة اعتراف الأشقاء بالتعددية الثقافية والعرقية والمذهبية العراقية، بعيداً عن شعارات القومية الشوفانية التي لم تراعِ سابقاً حساسيات العراق الإثنية والثقافية. ففي التحولات السياسية والاجتماعية الأخيرة التي يشهدها الشارع العراقي، يفرض المكان شروطه على الداخل الذي بات معنياً بإعادة تقييم علاقته بجواره، فيما أصبح الخارج مضطراً إلى الاعتراف بتحولات الداخل، حتى لو جاءت على حساب ما يعتبره مصالحه التاريخية.

ففي اللحظة التي انتبه فيها العراقيون إلى موقع بلادهم الجغرافي، وأهميته الجيوسياسية، اتخذت الطبقة السياسية خطوات مرنة للتعامل مع ما تفرضه ثوابت الجغرافيا على التحولات في المواقف، والعلاقات مع الخارج القريب أو البعيد، وصولاً إلى الدور المطلوب من العراق أن يلعبه لحماية مصالحه، فلم يعد ممكناً أن يحافظ العراق على كيانه دون الوصول إلى علاقة آمنة ومستقرة ومتطورة مع جواره كافة دون استثناء، وهذا ما لمسه الوفد الرسمي العراقي الذي زار العاصمة السعودية الرياض أثناء لقائه كبار المسؤولين السعوديين الذين أكدوا لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على حاجة العراق إلى علاقة متوازنة مع جواره، مبنية على الاحترام المتبادل، وتحفظ له خصوصياته مع كل طرف، ولكن شرط ألا تكون على حساب طرف آخر، إلا أن المعضلة التي يواجهها العراق حالياً هي أن مقاربة التعاطي معه ككيان مستقل تختلف جذرياً بين الدول المجاورة له، حيث تصر طهران على فرض تبعية سياسية ودينية عليه، فيما أعادت دول الخليج، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، طرح الشراكة والتكامل معه.

فبعد زيارتين للرياض؛ الأولى لرئيس الوزراء حيدر العبادي، والثانية لزعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر، ولقاءات أخرى متفرقة على المستوى الوزاري بين البلدين، تم الإعلان عن تأسيس مجلس تنسيقي للارتقاء بالعلاقات بين البلدين إلى المستوى الاستراتيجي، وفتح آفاق التعاون في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية، حيث تكون الرياض قد قامت بالخطوات اللازمة من أجل ملء الفراغ العربي الذي سمح لطهران بالهيمنة على العراق بعد سقوط نظام صدام حسين سنة 2003.

وعليه، فإنه من الصعب جداً أن تقف طهران مكتوفة الأيدي أمام محاولات الرياض، منافستها على النفوذ داخل العراق، أو إضعاف هيمنتها على القرار السياسي العراقي، وهي لا تزال تتمتع بما يكفي من نفوذ داخل الجماعة الشيعية العراقية، حيث تستطيع تحريضها، إما على مواجهة الرياض بطريقة غير مباشرة، وإما مواجهة الجهات العراقية التي تدعم التقارب مع الرياض، لذلك ترتفع في هذه المرحلة حدة الانتقادات بين طهران وأتباعها في العراق، وبين أنصار الزعيم الشيعي السيد مقتدى الصدر، إضافة إلى المؤيدين للحكومة العراقية، باعتبار أن خطوات الصدر قدمت غطاءً دينياً وشعبياً لتقارب الحكومة العراقية مع الرياض، وأمنت لها انعطافة شعبية شيعية رأت في السعودية شريكاً فعلياً وجاراً دائماً، وهو ما سيؤثر مستقبلاً على مصالح طهران ونفوذها، الأمر الذي دفع البعض إلى احتمال وقوع مواجهة بين أنصار الصدر وبعض الميليشيات التابعة لإيران، من أجل إحراجه، حيث وصل حجم الانزعاج الإيراني من الصدر في الآونة الأخيرة إلى التلويح باستبعاده عن المشهد السياسي، من خلال الترويج إلى انشقاق داخل التيار، أو داخل العائلة.

من جهته، كشف الصدر عن تعرضه أكثر من مرة لتهديدات تطال حياته. ومن خلال كشفه لهذه التهديدات، يرسل الصدر تحذيراته من مغبة القيام بمغامرة أمنية خطيرة كهذه، لن تختصر تداعياتها على الوضع الشيعي الشيعي في العراق فقط، حيث ستكون ارتداداتها أشبه بارتدادات اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق الشهيد رفيق الحريري، حيث اتهم الشارع اللبناني النظام السوري بعملية الاغتيال، ما أدى إلى خروج الجيش السوري من لبنان، وتسبب بحالة من العداء الكبير بين الشعب اللبناني ونظام الأسد، وهذا ما لا يمكن لطهران أن تتحمل تداعياته.

تراقب طهران بحذر حركة الصدر الذي كشف عن تنسيق كامل بينه وبين رئيس الحكومة حيدر العبادي أثناء زيارته للسعودية، ولوح بإمكانية قيام تحالف سياسي خارج المحاصصة والتكتلات الطائفية المغلقة، يخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة. وفي سبيل ذلك، لا يستبعد الصدر التحالف مع منافسه التقليدي السيد عمار الحكيم، الذي أدت خطواته السياسية الأخيرة إلى إضافة مشهد جديد على لوحة التشكل العراقي... يتبع

omantoday

GMT 08:37 2017 السبت ,16 أيلول / سبتمبر

من جيوب الأغنياء لا الفقراء

GMT 07:37 2017 الإثنين ,04 أيلول / سبتمبر

قتال فى الفضاء

GMT 07:34 2017 الإثنين ,04 أيلول / سبتمبر

حلقات مفقودة في خطاب حسن نصرالله

GMT 07:30 2017 الإثنين ,04 أيلول / سبتمبر

الغول يلد فأراً

GMT 07:15 2017 الإثنين ,04 أيلول / سبتمبر

ناجي العلي وتحقيق جديد في اغتياله

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرياض ـ بغداد قراءة متأنية لوقائع متسارعة الرياض ـ بغداد قراءة متأنية لوقائع متسارعة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:32 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج القوس

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 04:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab