إيران وأوروبا فُقدان الثقة

إيران وأوروبا... فُقدان الثقة

إيران وأوروبا... فُقدان الثقة

 عمان اليوم -

إيران وأوروبا فُقدان الثقة

بقلم - مصطفى فحص

تقترب طهران من الاعتراف بأن الرهان على الوعود الأوروبية بمساعدتها في الالتفاف على العقوبات الأميركية وصل إلى الحائط المسدود، فمنذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي وإلى الآن لم يتجاوز الموقف الأوروبي حدود التضامن السياسي معها فقط، من دون التوصل إلى تطبيق أي آلية تتيح لها الحصول على تسهيلات بنكية وتجارية مع المؤسسات المالية الأوروبية، التي تتجنب الدخول في نزاعات قانونية وتجارية مع واشنطن من أجل طهران، واتهام أوروبا بالعجز نتيجة الضغوط الأميركية عليها وعدم وفائها بوعودها الاقتصادية والمالية التي قطعتها لطهران عَبّر عنه مساعد وزير خارجيتها عباس عراقجي، خلال مشاركته في ملتقى «تطورات المنطقة والنظام الدولي» الذي عقد في العاصمة الإيرانية طهران منذ أيام، حيث قال «إن أوروبا عاجزة عن إنشاء الآلية المالية للتبادل التجاري والبنكي مع إيران»، موضحاً أن العواصم الأوروبية لم توافق على أن تكون أراضيها موقعاً لتفعيل الآلية التي وعد الاتحاد الأوروبي بتطبيقها.
الصفعة الاقتصادية الأوروبية لطهران تزامنت أيضاً مع ضغوط استراتيجية تمارسها عواصم القرار الأوروبي على صناع القرار الإيراني، من أجل دفعهم إلى مراجعة دورهم الإقليمي المزعزع للاستقرار، ودعوتهم إلى وقف تدخلهم في شؤون الدول الأخرى وتخفيف التوتر مع جيرانهم. هذا المسعى حمله إلى طهران وزير الخارجية البريطاني جيرمي هانت أثناء زيارته الأخيرة، الذي تناول في مباحثاته مع المسؤولين الإيرانيين حجم التهديد الذي يمثله تزويد ميليشيات الحوثي في اليمن بالصواريخ الباليستية للاستقرار الإقليمي، ومطالبته بالضغط على الحوثيين لوقف حربهم في اليمن. موقف لندن الضاغط على طهران يتقاطع مع محاولات فرنسية أيضاً من أجل تفكيك العُقد التي يضعها «حزب الله» أمام تأليف الحكومة اللبنانية، إضافة إلى دعم موقف رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري في حماية لبنان من التداعيات السياسية والاقتصادية للعقوبات الأميركية على إيران، فباريس التي تتبنى مؤتمر «سيدر» من أجل دعم الاقتصاد اللبناني المترنح، تحاول الحفاظ على ما تبقى لها من تأثير على لبنان، تواجه تعنتاً إيرانياً وإصراراً على الاستحواذ الكامل على قراره السياسي وإبقائه رهينة تستخدمها في لعبة نفوذها الإقليمية، نفوذ بات يتسبب في فتور بعلاقتها مع الدول الأوروبية، التي تسعى إلى إقناعها بالتراجع عن سياساتها التوسعية بهدف تخفيف حدة الضغوط الأميركية عليها.
من اليمن مروراً بالعراق الذي يتمسك قادته الجُدد بسياسة التوازن الإقليمي وتعزيز علاقته، خصوصاً الاقتصادية، مع جيرانه العرب، واختيار البوابة السعودية من أجل تعميق التعاون في كافة المجالات بين بغداد والعواصم الخليجية، وذلك إثر الزيارة الناجحة التي قام بها الرئيس العراقي برهم صالح للكويت العاصمة وأبوظبي والرياض وصولاً إلى سوريا، حيث يتطابق الموقف الأوروبي مع المطالب الأميركية بضرورة خروج إيران العسكري منها، عوامل تدفع إلى زيادة الامتعاض الإيراني من تذبذب الموقف الأوروبي، وتضاعف حالة القلق جرّاء عدم معرفة طهران الدقيقة بما يدور داخل الأروقة المغلقة بين الأوروبيين وواشنطن، وقناعة طهران بأن علاقتها معهم لا يمكن أن تكون على حساب علاقتهم التاريخية مع واشنطن، وبأن التقارب في الملف النووي لن يفتح أبواب طهران أمام شراكة إقليمية معهم. فعلى الأرجح، المواقف الأوروبية المتشددة من دور طهران الإقليمي ونفوذها السلبي ومن مشروعها الباليستي لم تعد محمولة في طهران، ودفعت القيادة الإيرانية إلى التشكيك في جدوى التعاون معهم بعد تراجع موقفهم من العقوبات الأميركية، وعليه فإن التغيير الجوهري في الموقف الأوروبي يدفع إلى استعادة ما قاله سابقاً مرشد الجمهورية السيد علي خامنئي منذ أشهر، الذي وجّه فيه انتقادات حادة لهم حيث قال: «تأتي الدول الأوروبية إلى طهران، وتقول إننا نريد أن نتفاوض مع إيران بشأن وجودها في المنطقة. هذا ليس شأنكم. هذه منطقتنا. لماذا أنتم هنا؟».
من الواضح أن الطرفين (أوروبا وإيران) غير قادرين على استمالة بعضهما البعض، حيث كل طرف يمارس مع الآخر سياسة المصالح الحذرة، فالأوروبي يسعى سياسياً إلى ترويض طهران وإقناعها بضرورة الالتزام بالاتفاق النووي، وفي المقابل تطالب طهران بمكافأتها اقتصادياً من خلال تأمين آليات مالية وتجارية للالتفاف على العقوبات، وما بينهما واشنطن التي تعد العدة لمعاقبة أي منهما حال خالف العقوبات، أو قرر المُضي قدماً في تحديه الإقليمي أو النووي.

 

omantoday

GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

GMT 08:29 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

ترامب يدّعي نجاحاً لم يحصل

GMT 08:24 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

فلسطين وإسرائيل بين دبلوماسيتين!

GMT 08:23 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

أزمة الثورة الإيرانية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران وأوروبا فُقدان الثقة إيران وأوروبا فُقدان الثقة



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 20:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
 عمان اليوم - علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 14:38 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab