«الصيغة اللبنانية» واحتمالات التعديل الثالث

«الصيغة اللبنانية» واحتمالات التعديل الثالث

«الصيغة اللبنانية» واحتمالات التعديل الثالث

 عمان اليوم -

«الصيغة اللبنانية» واحتمالات التعديل الثالث

بقلم - مصطفى فحص

فيما يستمر الجدل بين القوى السياسية اللبنانية حول كيفية تجاوز عقدة تمثيل «سنة 8 آذار» التي وضعها «حزب الله» بوجه تأليف الحكومة، بدأت تتشكل لدى بعض النخب اللبنانية السياسية والثقافية قناعة بأن الأزمة تجاوزت كونها وزارية، وأن الهدف من العرقلة في هذه المرحلة الانتقالية من تاريخ لبنان والمنطقة استمرار الفراغ في مؤسسات السلطة إلى أن تكتمل الظروف الداخلية والخارجية لتسوية دولية قد تفرض على القوى السياسية، المنشغلة حالياً بعدد مقاعدها الوزارية، البحثَ في شكل جديد للنظام، بعدما يكون «حزب الله» قد نجح في تحويل الأزمة الحكومية إلى أزمة دستورية. ويسجل للزعيم الدرزي وليد جنبلاط أنه الوحيد من بين أقرانه السياسيين الذي تطرق إلى ما يمكن وصفها بشروط التسوية المقبلة عندما سأله مقدم برنامج «صار الوقت» الإعلامي مارسيل غانم على قناة «m tv» عن سلاح «حزب الله»، فأجاب بأنه «كان لدينا حلم بأن نصل إلى استراتيجية دفاعية موحدة، ولكن أي حل لمشكلة السلاح قد يكون مقابلها تعديل الدستور».
حتى الآن لم يخرج كلام علني وصريح عن قيادة «حزب الله» حول الدستور أو وثيقة الوفاق الوطني المعروفة بـ«اتفاق الطائف»، لكن نقاشاً سياسياً داخل بيئته بدأ يخرج إلى العلن يطالب بضرورة أن يراعي الدستور تغير موازين القوى الداخلية نتيجة التغيير الديموغرافي الحاد بعد نهاية الحرب الأهلية 1975 - 1990 وصعود القوة الشيعية المستندة إلى فائض قوة حققه «حزب الله» بات يؤثر على تركيبة «الصيغة اللبنانية»، ويدعو إلى تعديلها تماشياً مع المتغيرات الداخلية والخارجية التي تساندها.
في العودة إلى التأسيس الأول للكيان اللبناني، الذي تبلور سنة 1861 في نظام المتصرفية، يقول أستاذ التاريخ في الجامعة الأميركية في بيروت د. عبد الرحيم أبو حسين في كتابه «صناعة الأسطورة» إن التأسيس الأول بني على صيغة توافقية بين الدروز والموارنة في جبل لبنان، التي حظيت بتبني أوروبي إيطالي لتطلعات الطائفة الدرزية الاستقلالية في مرحلة حكم «المعني»، الذي حصل على تأييد المارونية ودعمها، خصوصاً في مرحلة البطريرك والمؤرخ الماروني اسطفان الدويهي الذي تلقى نصائح مباشرة من بابا الفاتيكان بدعم حركة الأمراء المعنيين الاستقلالية، التي استمرت مع السلالة الشهابية التي ورثت سلطة المعنيين في حكم إمارة جبل لبنان حتى فتنة 1840، باعتبارها أول حرب أهلية لبنانية على السلطة جرت بين الدروز والموارنة، بعدما بدأ واضحاً التحول الديموغرافي والاقتصادي في منطقة الشوف لصالح الموارنة، نتيجة ارتفاع في معدل الولادات لديهم والدعم الاقتصادي والثقافي الذي تلقوه من الإمارات الأوروبية، يضاف إليهم التناقص الحاد في أعداد أبناء الطائفة الدرزية، نتيجة الحروب المستمرة مع السلطة العثمانية وحملات الإبادة التي تعرضوا لها من قبل الآستانة وقلة الموارد الطبيعة في مناطقهم. وقد استمرت الصيغة الأولى حتى سنة 1920 حتى حصل تعديلها بعد إعلان دولة لبنان الكبير، التي أدت إلى توسع الكيان وفق الخرائط الفرنسية التي تشكلت في أعقاب اتفاقية «سايكس - بيكو»، والتي فرضت نقل الصيغة من «درزية - مارونية» إلى «مارونية - سنية» تبلورت سياسياً سنة 1943، التي حصل لبنان وقتها على الاستقلال واستمر تحت حكم ما عرف حينها بالصيغة اللبنانية حتى الحرب الأهلية. بعد الحرب نجح «اتفاق الطائف» في تجاوز العقدة الديموغرافية، وأبقى على الصيغة اللبنانية وحماية المناصفة مع إجراء تعديلات دستورية عامة لم تحظ بقبول كامل من بعض القوى الشيعية، باعتبار أنها راعت مصالح الطائفة السنية، إلا أن الراحلين الإمام محمد مهدي شمس الدين الذي اعتبر أن «الطائف» أنصف جميع الطوائف، بمن فيهم الشيعة، والعلامة السيد هاني فحص الذي دعا الشيعة إلى إيلاء الأهمية إلى سلامة الأوطان قبل سلامة الأبدان.
لا تختلف مقاربة «حزب الله» حول الصيغة والدستور عن مقاربة زعماء الموارنة عشية حرب 1840، الذين قرروا الخروج على الصيغة الأولى نتيجة تحول ديموغرافي ودعم خارجي وغطاء كنسي يتشابه تماماً مع التحول الذي أجراه «حزب الله» داخل بيئته وما يطلق عليه من فائض قوة مرتبطة بغطاء عقائدي أمّنه له نظام ولاية الفقيه في طهران، مهد الطريق أمامه للمطالبة مستقبلاً بصيغة لبنانية جديدة تراعي حجم التحولات وتفرض شروطها على الدستور تعوض الدور الشيعي المرتبك في العلاقة مع دولة لبنان الكبير منذ تأسيسه وإلى الآن.
يقول أستاذ التاريخ وفلسفة العلوم في جامعة القديس يوسف د. أنطوان قربان، «علينا الدفاع عن لبنان الكبير كي لا نقع في جحيم لبنان الأكبر الممتد من اللاذقية إلى الناقورة، وعاصمته دمشق، في دولة حلف الأقليات ما بعد (اتفاق الطائف)، وليس دولة المواطنة والعيش المشترك».

 

omantoday

GMT 06:26 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

صوت «المشتركة» في ميزان إسرائيل الثالثة

GMT 06:21 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

إضراب المعلمين وسياسة تقطيع الوقت لمصلحة من ؟

GMT 06:18 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

خمسة دروس أردنية من الانتخابات التونسية

GMT 06:15 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

البعد الطائفي في استهداف المصافي السعودية

GMT 06:12 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

وادي السيليكون في صعدة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الصيغة اللبنانية» واحتمالات التعديل الثالث «الصيغة اللبنانية» واحتمالات التعديل الثالث



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 05:26 2023 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

القمر في برجك يمدك بكل الطاقة وتسحر قلوبمن حولك

GMT 16:53 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab