جنبلاط وملامح تفكيك الصيغة اللبنانية

جنبلاط وملامح تفكيك الصيغة اللبنانية

جنبلاط وملامح تفكيك الصيغة اللبنانية

 عمان اليوم -

جنبلاط وملامح تفكيك الصيغة اللبنانية

بقلم _ مصطفى فحص

في الأسبوع الفائت، انشغل الرأي العام اللبناني بمواقف سياسية قاسية تتجاوز أزمة الحكومة المُعطلة، وتقترب من أن تصبح أزمة نظام بات بعض أركانه على استعداد للانقلاب على صيغته التاريخية (الصيغة اللبنانية - الاستقلال 1943) التي حصّنها «اتفاق الطائف»، تحت مسوِّغ استعادة الحقوق أو زيادة في حجم الحقوق.
وقد تصاعدت الأزمة الحكومية بعد قرار رئيس الجمهورية ميشال عون، رفض التوقيع على قانون الميزانية العامة لسنة 2019، المُحالة إليه من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري، تحت ذريعة إعادة النظر في المادة 80 من الميزانية، بعدما اعتبرت دوائر القصر الجمهوري أن نتائج المباريات التي أجراها مجلس الخدمة المدني لا تراعي المناصفة في الوظائف العامة، رغم أن المادة 95 من الدستور اللبناني تنص على أنه «تُلغى قاعدة التمثيل الطائفي، ويعتمد الاختصاص والكفاءة في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكرية والأمنية والمؤسسات العامة والمختلطة، وفقاً لمقتضيات الوفاق الوطني، باستثناء وظائف الفئة الأولى فيها، وفيما يعادل الفئة الأولى فيها، وتكون هذه الوظائف مناصفة بين المسيحيين والمسلمين من دون تخصيص أي وظيفة لأي طائفة، مع التقيد بمبدأي الاختصاص والكفاءة».

مما لا شك فيه أن موقف رئيس الجمهورية أعاد الجدل حول الصلاحيات والدستور و«اتفاق الطائف»، واعتبره البعض عودة بالانقسام الطائفي إلى ما قبل الحرب الأهلية، ما دفع قناة «المستقبل» الناطقة بلسان الرئيس الحريري، لأول مرة، منذ التسوية الرئاسية بين عون والحريري، إلى الغمز من قناة رفض المادة 80 في مقدمتها الإخبارية، يوم الأحد الفائت، والتي قالت: «موال المادة 80 من الميزانية التي يستعملها البعض شماعة لتعليق الحكومة، وتعليق البلد وتعليق الاقتصاد، خدمة لأجندات بدأت تطل برأسها وتنكشف». موقف «المستقبل» المتشدد في موضوع الميزانية لا يمكن فصله عن موقف الحريري المتضامن مع وليد جنبلاط في قضية قبرشمون، ورفض نقل القضية إلى المجلس العدلي الذي عاد أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، وأكد موقفه الداعم للنائب طلال أرسلان، المُصر على طرح المجلس العدلي على طاولة مجلس الوزراء، حيث قال: «عندما طلب المير طلال إحالة القضية على المجلس العدلي لم يسألنا، ونحن لسنا بلسانين، بل بلسان واحد، ولسنا بوجهين، بل بوجه واحد، وهذا حقه ألا يسألنا، وهو صاحب القرار في حزبه، وقد أخذنا العلم بذلك مثل كل العالم، لكننا نعتبر أن المطلب محق، لأن الحادثة كادت تؤدي إلى ضرب السلم الأهلي». كلام نصر الله الذي استغرب فيه اتهام «حزب الله» باستهداف شخصية سياسية أو حزب سياسي، أثار حفيظة وليد جنبلاط الذي غرد على حسابه في «توتير» قائلاً: «يبدو أن التشنج السياسي الحالي، وكما عبرت عنه جهة حزبية محلية وإقليمية، ليس محصوراً بالبساتين أو الشيويفات، لذا فإن اجتماع بعبدا غير مفيد إذا ما أصحاب العلاقة المباشرون، وليس أبواق النعيق اليومي، وضحوا لنا لماذا هذا العداء الجديد، الذي كنا أطلقنا عليه تنظيم الخلاف، وأخيراً أين (الطائف)». وقد بات واضحاً أن جنبلاط لم يعد متردداً في اتهام خصومه بالعمل على تحطيم «الطائف» لصالح حلف الأقليات الذي تُخاض في سبيله حرب تهجير الشعب السوري نتيجة موازين قوة في المنطقة، تفرض هذه المعادلة، ولا إمكانية لتغييرها في هذه المرحلة، لكن جنبلاط، حسب ما نقلت عنه صحيفة «المدن» الإلكترونية، فإنه لا يمكن القبول بالاستسلام.

وعليه، فإن موازين القوة المحلية والإقليمية تفرض على اللبنانيين الرضوخ لإملاءاتها، وهي مستعدة لتعطيل الحكومة من أجل تحقيق أهدافها المحلية والإقليمية التي تربط مصير لبنان بمصير التسوية مع إيران، بانتظار هذه التسوية مستعدة لفرض معادلة داخلية تخالف روح الدستور والميثاقية، وتفرغ «اتفاق الطائف» من مضمونه، حتى يتسنى لها الانقلاب عليه بسهولة من خلال افتعال أزمة نظام مهدت لها من خلال محاصرة العمل الحكومي، والضغط على رئيس الوزراء تحت شعار الحفاظ على التسوية التي بات أحد أطرافها يتعامل معها كصفقة تحقق له مكاسب إضافية على حساب مصلحة الدولة ومؤسساتها، فيما يستمر مخطط حصار المختارة (دارة آل جنبلاط) كونها الملاذ الأخير للصيغة اللبنانية وللمدافعين عنها.

يقف وليد جنبلاط وحيداً، وظهره للحائط، في معركة باتت أشبه بالوجود، حيث لا يمكن له التراجع الذي يمثل نهاية دوره السياسي، أو القبول بتسوية تؤدي إلى استسلامه، فهو في مواجهة خصم لم يترك له إلا خيار المواجهة... الصعبة.

omantoday

GMT 00:04 2024 الجمعة ,22 آذار/ مارس

المال الحرام

GMT 14:47 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين: رجل الضريح ورجل النهضة

GMT 14:45 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

رؤية تنويرية لمدينة سعودية غير ربحية

GMT 14:44 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الحوار الاستراتيجي بين القاهرة وواشنطن

GMT 14:43 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

... في أنّنا نعيش في عالم مسحور

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جنبلاط وملامح تفكيك الصيغة اللبنانية جنبلاط وملامح تفكيك الصيغة اللبنانية



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:32 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج القوس

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 04:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab