خطاب “الحوثي” جاء تعبويا ومتحديا واعلانا لحرب استنزاف طويلة

خطاب “الحوثي” جاء تعبويا ومتحديا واعلانا لحرب استنزاف طويلة

خطاب “الحوثي” جاء تعبويا ومتحديا واعلانا لحرب استنزاف طويلة

 عمان اليوم -

خطاب “الحوثي” جاء تعبويا ومتحديا واعلانا لحرب استنزاف طويلة

عبد الباري عطوان

من تابع خطاب السيد عبد الملك الحوثي زعيم حركة “انصارالله” الذي القاه مساء الاحد عبر قناة تلفزيون “المسيرة” التابعة للحركة، يدرك جيدا ان الازمة اليمنية ستطول، وان الحرب ستزداد شراسة، وان لا حلا سياسيا في الافق.
السيد الحوثي الذي ظهر لاول مرة بعد غياب استمر حوالي 24 يوما، وسط تقارير عديدة سربها اعداؤه تؤكد وفاته في غارة جوية لطيران التحالف استهدفت مدينة صعدة مقره الرسمي، لم يطرح اي مباردة سلام، ولم يقدم اي تنازل، ولم يظهر عليه اي خوف من القصف الجوي المكثف لقواته، واهداف اخرى في اليمن، وكان يستعين طوال الوقت بالآيات القرآنية التي تتحدث عن الظلم والعدوان، وتطالب بالصمود، مؤكدا طوال الوقت مقولة “اعتماده على الله واعتمادهم على امريكا”.
كان خطابا تعبويا بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، يتحدث طوال الوقت عن حتمية النصر، والصبر وهزيمة المستسلمين دائما، ومليارات الآخر مقابل فقر الشعب اليمني، وجوعه وحرمانه، ومشاركة الامريكيين في غرف العمليات، وهي كلها محاور اختيرت بعناية لاعطاء مفعولها في اشرس الحروب النفسية التي تسير جنبا الى جنب مع الحروب في ميادين القتال، وهي حتى الآن، اي الاخيرة، ما زالت في اتجاه واحد اي قصف جوي دون امتلاك الجانب الآخر امكانية الرد.
***
كان لافتا ان السيد الحوثي لم يتحدث مطلقا عن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ولا عن نائبه خالد بحاح، واكتفى باشارة غامضة الى مسألة “الشرعية”، عندما قال ان من يملك الشرعية هو من يمتلك الحق، شرعية القرآن الكريم، والتصدي للمعتدين، على حد قوله.
من الواضح ان الطرف الآخر الذي يقف في الخندق المواجه لـ”عاصفة الحزم” يشن حاليا هجوما اعلاميا شرسا مضادا بعد فترة طويلة من الصمت، ويوظف اجهزة اعلامه لنقل رسائله الى اوسع نطاق ممكن، ويمكن اختصار هذا الهجوم على الوجه التالي:

    اولا: لم يكن من قبيل الصدفة ان يأتي خطاب السيد الحوثي بعد يومين فقط من الخطاب الذي القاه السيد حسن نصر الله امين عام حزب الله في مهرجان شعبي “داعم لليمن”، وشن فيه هجوما شرسا ضد المملكة العربية السعودية، استخدم فيه عبارات قوية، مثل اتهامات بنشر “الفكر التكفيري والارهاب”، وهو ما رد عليه كل من السيد انور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، والفريق ضاحي خلفان نائب قائد شرطة دبي بعبارات اكثر شراسة.
    ثانيا: اصدار السيد علي خامنئي تعليمات لوزارة الدفاع الايرانية برفع درجة التأهب، والقدرات، والكفاءات العسكرية، ومستوى الجاهزية للجيش والحرس الثوري وجميع الاجهزة ذات الصلة قائلا “ان الشعب الايراني هو امة اثبتت قدرتها على الدفاع عن نفسها اذا ما تعرضت لاي هجوم”.
    ثالثا: خطاب السيد عبد الملك الحوثي، الذي استغرق اكثر من اربعين دقيقة، وتضمن تحريضا واضحا على المملكة العربية السعودية وحلفائها، والتهديد باستخدام كل الخيارات المتاحة، ومحاولة استخدام خطر تنظيم “القاعدة” كورقة تحذير للغرب، على اعتبار ان هذا التنظيم في رأيه هو المستفيد الاكبر، والمسيطر على الجنوب اليمني، وكأنه يعيد التذكير بخطر “الدولة الاسلامية” في العراق وسورية.
    رابعا: تحدثت تقارير امريكية عن ارسال طهران اكثر من ثلاثين بارجة حربية الى مضيق باب المندب، وابراز وسائل الاعلام التابعة لها لهذه التقارير لايصال رسالة مفادها ان ايران لن تتخلى عن حلفائها في اليمن.

لا نعرف بالضبط كيف سيكون تأثير خطاب السيد الحوثي على الشعب اليمني بكل اطيافه، سواء المؤيد لـ”عاصفة الحزم” او المعارض لها، مثلما لا نعرف كيف سيكون الرد السعودي الخليجي على الخطاب نفسه، ولكن ما نعرفه جيدا ان الحرب في اليمن تتسع، وفرص الحلول السياسية تتراجع، ولهذا فان احتمالات استمرار الحرب لاسابيع او لاشهر او حتى لسنوات كبيرة.
فالحرب البرية التي توقعها الكثيرون بعد عدم نجاح القصف الجوي في تحقيق اي من اهدافه، وابرزها عودة الرئيس “الشرعي” عبد ربه منصور هادي، تبدو بعيدة بعد تراجع باكستان، وتلكؤ مصر، والتزام تركيا بالحلول السياسية.
***
المملكة العربية السعودية تغرق تدريجيا في رمال اليمن الساخنة المتحركة، وتجد نفسها تحارب جنبا الى جنب مع تنظيم “القاعدة”، بل تخوض معركته دون تنسيق مسبق، والمتحدث العسكري العميد احمد عسيري مستشار وزير الدفاع بات يتحدث يوميا في مؤتمراته الصحافية عن وقوع خسائر في صفوف الجنود السعوديين في اشتباكات حدودية في جنوب المملكة، وفي مواجهة محافظات يمنية يسيطر عليها الحوثيون.
لا نستغرب اذا ما كان من بين الخيارات التي تحدث عنها السيد الحوثي في خطابه (الاحد) توسيع نطلق هذه الحرب، واللجوء الى الصواريخ والمدافع بعيدة المدى.
اليمن بات مسؤولية سعودية، وعبء ثقيل على كاهل المملكة سواء في زمن هذه الحرب، او بعد انتهائها، فهذه الحرب ستكون مكلفة بشريا وماديا، وتزداد هذه التكلفة كلما طال امدها، مثلما سيكون السلام مكلفا اكثر لانه يعني اعادة الاعمار وضخ عشرات، وربما مئات المليارات في مجالات الاستثمار ايضا لارضاء الشعب اليمني وكسب وده.
المشكلة تكمن في استمرار الانخفاض في العوائد النفطية من جراء تراجع الاسعار، وهي مشكلة ربما تصبح اكثر تعقيدا في حال عودة النفط الايراني الى الاسواق بقوة بعد اتفاق السلام النووي، مما يعني انخفاضا اكبر في الاسعار.

omantoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطاب “الحوثي” جاء تعبويا ومتحديا واعلانا لحرب استنزاف طويلة خطاب “الحوثي” جاء تعبويا ومتحديا واعلانا لحرب استنزاف طويلة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab