صمت «حزب الله» أمام ترشيح فرنجية

صمت «حزب الله» أمام ترشيح فرنجية

صمت «حزب الله» أمام ترشيح فرنجية

 عمان اليوم -

صمت «حزب الله» أمام ترشيح فرنجية

خالد الدخيل

ترشيح رئيس تيار «المستقبل»، سعد الحريري، غير المعلن بعد، للنائب سليمان فرنجية له دلالاته اللبنانية. وله دلالته الإقليمية أيضاً. يتكامل هذا الترشيح مع حقيقة أن حكم عائلة الأسد في سورية يقترب من نهايته. لا أحد يعرف كيف ومتى سيتم ذلك. لكن الإجماع الإقليمي والدولي، وقبل ذلك المحلي، لا يدع مجالاً للشك بأن حكم الأسد لم يعد جزءاً من مستقبل المنطقة. وصول فرنجية للرئاسة في هذه الحالة يصب في مصلحة لبنان وبالتالي ينبغي أن يكون في مصلحة 14 و8 آذار. الفراغ السياسي في لبنان في مرحلة انتقالية مضطربة مثل هذه ينطوي على مخاطر كبيرة بالنسبة إلى لبنان. هكذا تبدو الصورة بالنسبة إلى مسؤول لبناني رفيع، ووثيق الصلة بالحراك الذي يجري في إطار عملية الترشيح التي فاجأت الجميع.

السؤال المحير بالنسبة إلى ميشال عون وأنصاره: لماذا النائب سليمان فرنجية تحديداً وليس الجنرال؟ كلاهما حليف لـ «حزب الله»، الذراع الإيرانية في الشام. فرنجية أقرب إلى الرئيس السوري بشار الأسد من الجنرال عون. الأخير كان العدو الأول للوجود السوري في لبنان، وكان خصماً عنيداً لـ «حزب الله». على العكس من ذلك، كان ولا يزال فرنجية يرتبط وعائلته بعلاقة حميمة مع عائلة الأسد منذ أيام جده الرئيس الراحل سليمان فرنجية. المفترض والحال كذلك من زاوية 14 آذار، ومن الزاوية الإقليمية أيضاً، أن يكون حظ الجنرال في الرئاسة أرجح من حظ النائب فرنجية. كتلته النيابية الكبيرة، وخلفيته السياسية الصلبة في مناهضة السوريين و»حزب الله»، وما يتمتع به من قاعدة مسيحية عريضة، تجعله كذلك. لكن شخصية الجنرال ومزاجه الحاد، معطوفاً على مسار الأحداث في المنطقة، كما في لبنان، وتحديداً مستقبل الأسد الذي يتجه لأن يكون خلفه وخلف المنطقة، يفرض كما يبدو عكس ذلك. من هنا تتعارض مفاعيل الخلفية السياسية لكل من الرجلين مع حظه في الاقتراب من القصر الرئاسي. في هذا السياق يبدو الجنرال حتى الآن الأقل حظاً في السباق الرئاسي الذي كرس حياته السياسية له منذ عودته من منفاه الباريسي عام 2005.

في المقابل يبدو سليمان فرنجية بتمثيله النيابي المحدود، وبتاريخه السياسي الذي ارتبط بعائلة الأسد، واعتمد عليها من دون انقطاع، الأكثر حظاً لأن يخلف جده أخيراً، ولو بعد حين. هذه مفارقة. والعامل الأهم فيها ليس الفارق في شخصية الرجلين وحسب، وإنما بطبيعة اللعبة السياسية اللبنانية وبحيثية فرنجية فيها، ثم بالمآل الذي يتجه إليه التاريخ السياسي لعائلة الأسد. اللافت هنا أن وصول الجد لمقعد الرئاسة كان في بداية حكم حافظ الأسد وعائلته في سورية، وأن وصول الحفيد للمقعد نفسه، إذا ما قدر له أن يصل، سيكون في اللحظة التي يدخل فيها حكم الأسد عتمة الغروب ويوغل فيها.

كان ميشال عون (هل لا يزال؟) يعوّل على التحالف مع «حزب الله» في التمهيد لوصوله للرئاسة. ومبرره أن تضافر القاعدة المسيحية الواسعة التي يتمتع بها، مع سلاح الحزب وما يتمتع به أيضاً من قاعدة شيعية واسعة، وعلاقة قوية مع سورية، ترجح ذلك. لكن يبدو أن وصول الجنرال للرئاسة ليس هدفاً مشتركاً بالقناعة والقوة نفسها لدى الطرف الآخر في التحالف. أولوية «حزب الله» في هذا التحالف هي استثمار شعبية الجنرال المسيحية لتأمين غطاء مسيحي لدور الحزب محلياً وإقليمياً. وقد نجح في ذلك، خصوصاً لناحية تغطية دوره في القتال في سورية. الغريب أن الجنرال لم يأبه أنه لم يحصل في المقابل على أي مكسب سياسي يقترب في حجمه مما حققه «حزب الله». يكتشف الجنرال أن ما عوّل عليه من التحالف مع الحزب قابل لأن يتبخر بسرعة لافتة. هل أن موقف «حزب الله» بأن مرشحه الوحيد للرئاسة هو ميشال عون نهائي؟ إذا كان الأمر كذلك فلماذا يلتزم الصمت لأسابيع الآن حيال ما يبدو أنه ترشيح جاد للنائب فرنجية من قبل الحريري؟ هل يعتبره فخاً له؟ ربما أن لجوء الحزب لصمت مطبق يعبر عن حالة ارتباك، أو انتظار أن ينقذه عون أو فرنجية من دون أن يعلن موقفاً قبل ذلك. لكن الحقيقة بحسب مصدر رفيع وعلى معرفة بمجريات الحراك المحيط بهذا الترشيح أن سليمان فرنجية توصل إلى تفاهم مع قيادة الحزب بأن يعلن الحزب موافقته على ترشيحه للرئاسة في حال أعلن سعد الحريري هذا الترشيح على الملأ.

ربما أن دافع الحزب في هذا التفاهم قناعته بأن حظوظ ترشيح فرنجية أقل مما تبدو عليه، وبالتالي لن يخسر شيئاً من وراء تفاهم غير معلن. لكن ربما أن الحزب لا يزال يساوره قلق من النزعة الاستقلالية للجنرال، وأنها نزعة قد تبرز بعد وصوله إلى قصر الرئاسة. ومن ثم فالتفاهم مع فرنجية هو بمثابة بديل آخر للحظة الأخيرة. ويبقى من ناحية ثالثة احتمال أن الحزب في الحقيقة يفضل في الظروف الحالية عون في قصر بعبدا على فرنجية. فعون أقرب إلى إيران من خلال الحزب منه للأسد، وهو يعتمد في دوره اللبناني على طهران أكثر مما يعتمد على الأسد. وبما أن حقبة الأسد تقترب من نهايتها، فمن الأفضل بالنسبة إلى الحزب أن يكون حليف طهران هو من ينبغي أن يكون في قصر بعبدا، وليس حليف الأسد فرنجية. من هذه الزاوية يشير المصدر اللبناني الرفيع إلى احتمال أن تصل معارضة سمير جعجع لترشيح فرنجية بأن يتخلى عن ترشيح نفسه، وأن يعلن ترشيحه للجنرال عون نكاية بسعد الحريري. وإذا ما حصل هذا فإنه سيتسبب بإحراج كبير لـ «حزب الله» بين تأييده المعلن لترشيح عون، وتفاهمه غير المعلن مع فرنجية. ماذا سيفعل الحزب في هذه الحالة؟ هل ينقلب على عون ويتمسك بترشيح فرنجية؟ أم يضطر إلى الثبات على موقفه، ويعلن تأييده لـ «القوات» وزعيمها الذي يعتبره من ألد أعدائه، وأنه في يوم ما كان على اتصال بإسرائيل؟ في كل الأحوال سيكون لموقف الحزب دلالته: إما أن يؤكد عمق انخراطه في المشروع الإيراني، أو ينحاز للبنان والشام مؤكداً استقلاله عن هذا المشروع.

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صمت «حزب الله» أمام ترشيح فرنجية صمت «حزب الله» أمام ترشيح فرنجية



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab