بقلم - أسامة الرنتيسي
ونحن على أبواب الانتخابات النيابية المقبلة، علينا أن نستفيد من التجربة الكويتية التي تَسبَّب الصوت العالي والتهديد والتخوين إلى قرار أمير الكويت الشيخ مشعل الصباح، إلى حل مجلس الأمة وتعليق بعض بنود الدستور في البلاد لمدة لا تزيد على 4 سنوات.
في الأردن؛ هناك من يبحث عن الشعبويات وتصل به الأمور إلى إجراء ربط مباشر بين إغلاق قناة اليرموك التابعة للإخوان المسلمين في الأردن وبين اجتياح رفح، هذه ليست مراهقة سياسية فقط، بل صب الزيت على نار الفتن والتخريب.
تأريخ الحكم في الكويت يتسم بالحكمة وطول النفس، لكن على ما يبدو أن ما دفع الأمير (ذو العقلية العسكرية الحازمة) إلى هذه الخطوة التي اعتبرها سياسيون “مفاجئة” جاءت بعد أن طفح الكيل، ولم تنفع النصائح والترشيد.
الشيء اللافت للنظر أن الكويتيين خرجوا عبر صفحات التواصل الاجتماعي وأشعلوا التغريدات في توتير بالفرحة العارمة حتى وصل الأمر إلى التغريد “10 مايو 2024 هو يوم التحرير من الغزو الداخلي بعد التحرير من الغزو الخارجي في سنة 1991”.
عدد من أعضاء مجلس الأمة الجديد الذي لم يؤدِ القسم الدستوري بعد، تمادوا في تصريحات عنيفة وتهديدات ضد الحالة الدستورية في الكويت، ووضعوا عناوين لموضوعات سيبحثونها تحت قبة مجلس الأمة، كما وجهوا انتقادات إلى رئيس الحكومة المكلف، ولم تسلم الاسرة الحاكمة من إنتقادات غير مألوفة.
احد الفائزين في مجلس الأمة واسمه أنور الفكر يوجه رسالة إلى وزير الداخلية يقول فيها: ” السيد وزير الداخلية..عمرك السياسي شارف على الانتهاء ولن يتجاوز الشهر وكل ما تقوم به الآن سيتم تصحيحه وتعديله هذا وعد ونحن ملتزمون به، انتهى الكلام”.
في الكويت قضايا مفصلية عديدة، أبرزها قضية التجنيس العشوائي التي جاءت كثيرا في برامج المرشحين، ويقال: إن بعض من نال الجنسية بطريقة عشوائية وصل إلى قبة مجلس الأمة والآن يصفي حساباته مع المرحلة السابقة.
منذ سنوات لم تسلم الكويت من لوثة المرحلة السياسية الحالية وارتفاع منسوب الخطاب الطائفي السنّي، الشيعي، والمناطقي (داخل السور وخارجه)، والقبيلي (بدوي وحضري). وهذا الخطاب يضرب عصب الديمقراطية الكويتية، كما يؤثر في الحياة الهادئة والآمنة في الكويت.
في الكويت سيل من الإشاعات، وفيضان من التغريدات الموجهة والخبيثة، كما فيها أصابع تتحرك بإيعازات خارجية، لكن القلقون على الكويت وتجربتها، يمتلكون من الحكمة المتزنة والدبلوماسية الهادئة التي يتمتع بها الحكم في الكويت.
لا خوف على الكويت، مهما بلغت سخونة الأحداث فيها وفي المنطقة، فهناك “عُقّال” كثيرون، وهناك إدارة حكيمة حازمة لشؤون البلاد، من مصلحة الكويت وشعبها، الاستمرار على النهج والعطاء الموجودين، وأن يبقى وجه الكويت مدنيا مثلما هي عليه قبل أن تغزوها أفكار سوداوية أكثر.