بقلم _ أسامة الرنتيسي
عباقرة الحكومة؛ خاصة وزراء الاقتصاد والمال، هل يعترفون أن قانون الضريبة الذي دافعوا عنه وفرضوه على الشعب والاقتصاد الأردني قد فشل فشلًا ذريعًا.
وهل تعترف الحكومة أن رهاناتها على تحسين الموازنة العامة وضبط التهرب الضريبي بعد إقرار قانون الضريبة قد خسرتها، وعادت عليها بكوارث مالية، بدلًا من تحسين المالية العامة.
وهل تتواضع الحكومة قليلًا وتعتذر من المحلّلين الاقتصاديين وكل من حذّر مِن أن إقرار قانون الضريبة عن أنه سينعكس سلبًا على الاقتصاد الأردني ويخفض التحصيلات الضريبة عمومًا.
الآن؛ بدأت الاسطوانة الحكومية الجديدة تعترف بأنها لم تكن تتوقع أن تراجعًا بالملايين سيقع بعد إقرار الضريبة بسبب استعمال السيارات الهايبرد والكهرباء وإعادة فتح معبر جابر الحدودي مع سورية وزيادة التهريب، تحديدًا الدخان.
تحذيرات عديدة صمّت الحكومة آذانها عنها عند الإصرار على فرض قانون الضريبة بأن ليس مطلوبًا منها أكثر من أن تأتي باقتصادي أو صناعي او مستثمر، مؤسسة عامة او خاصة، نقابة مهنية او عمالية، لجنة ، هيئة مجتمع مدني، خبير محترم، يُعلن تأييده لها في قانون الضريبة الجديد.
لم تأت بنائب، أي نائب، يُعلن بجرأة أنه مع الحكومة في مشروع قانون الضريبة، فقط نائب واحد – ذهب للحج هذا العام – تذاكى علينا ونصح للجميع بعدم الاعتماد على معلومات خطأ حول القانون مع أنه في التصريح ذاته قال إنه لم يطّلع على القانون، فمِن أين جاءته المعلومات الخطأ.
إذا كان المجتمع الأردني بفئاته كافة رفض وحذر ونصح للحكومة ألا تعاند أكثر من اللازم وأن تتراجع عن قانون الضريبة (الجبائي الجنائي التدميري ) كما يُطلِق عليه المختصون، فلِمَ ركبت الحكومة رأسها بكل هذا العناد والتجبر والتحدي، ولم تلتفت لصرخات الناس وأوجاعهم.
الصناعيون نشروا بيانات وتصريحات، ورؤساء النقابات رفعوا مذكرات إلى جلالة الملك طالبوا بضرورة إعادة النظر في قانون الضريبة وحذروا من انعكاساته السلبية على حياة المواطنين المعيشية.
الأوضاع الداخلية مُربِكة ومُقلقة، والأوضاع الاقتصادية والمعيشية صعبة لم يشهد الأردنيون مثلها في أكثر المراحل حِلكة، ويفهم المواطنون أن هناك بُخلًا من الأشقاء لم يعتادوا عليه، لهذا تحتاج المرحلة الى وقفة جادة وحقيقية لمعالجة القضايا الفرعية الأمنية وغيرها بعقل بارد، من دون استعراض، وأن يكون أساس العمل توحيد الناس، وتماسك الجبهة الداخلية، وهما بالأحوال كلها أهم بكثير من اي حلول اقتصادية ترقيعية.
العناد لا يصنع سياسة، والإصرار على القانون ليس دائما جزءا من هيبة الدولة، لأن التراجع عن الخطأ فضيلة، والتراجع عن قرار غير شعبي يصب في النهاية في المصلحة العامة، والرئيس والمجسات حوله يجب أن يمارسوا الذكاء السياسي بحيث يتم التقاط اللحظة والتراجع عن الكارثة المتوقعة.
الحكومة التي تعلن أنها لم تتوقع زيادة التهريب، عليها أن تكون شجاعة أكثر وتعترف بأنها فشلت في قانون الضريبة، وأن رهانها عليه كان خاسرا.
الدايم الله….