بقلم: أسامة الرنتيسي
(كتبت هذه المقالة في الواحدة فجر اليوم الاحد، وأجلت نشرها للصباح، فجاء الصباح سريعا ومختلفا وغير متوقع، فقد سقط نظام الاسد بشكل دراماتيكي…..)
من ساعة إلى ساعة تفرق الأحداث على الأرض في سورية، ومن يتابع الأخبار من خلال “العربية” والجزيرة” في الأقل يشعر أن سقوط نظام بشار الأسد بات مسألة ساعات، حتى جاء تصريح وزير الداخلية السوري اللواء محمد الرحمون عندما قال: “فرضنا طوقا أمنيا حول دمشق لا أحد يستطيع كسره”، وكأنه يقول: لم يبق سوى دمشق عصية على (الإرهابيين، الثوار، المعارضة، الجماعات المتطرفة، الفصائل المسلحة.. اختاروا ما شئتم).
منذ لحظة تحرك الفصائل المسلحة نحو حلب (بدعم تركي أميركي إسرائيلي…) ظهر أن الأمر هذه المرة مختلف، ما هي إلا ساعات وتقع حلب في أيدي المسلحين، ويترك عناصر الجيش السوري مواقعهم، وهذا ما حدث في معظم المدن والمحافظات التي وصلها المسلحون وحتى التي لم يَصِلوها، فقد انسحب الجيش العربي السوري ولم يدافع عن أية مدينة كان يوجد فيها.
والسؤال هنا لِمَ كان هذا موقف الجيش العربي السوري…؟
بالمناسبة؛ الخمسون دينارًا اردنيًا تساوي مليون ليرة سورية، والجندي السوري الذي يتقاضى راتبا يعادل عشرة دنانير أردنية ارتفع مع بدء الأزمة بنسبة 50 % بعد قرار من بشار الأسد ليصل 15 دينارًا، لا تمكنه من شراء اسطواني غاز لبيته، جندي يعيش بهذه الظروف المعيشية الصعبة ما الذي يدفعه للصمود في موقعه والدفاع عن أرضه؟!.
تطورات الأوضاع في سورية، كشفت من اليوم الأول عن أن أنصار الأسد لم يعودوا مثلما كانوا، فتغيرت الأوضاع، وأصبح الحليف الأبرز النظام الإيراني يبحث عن حلول سياسية بعد أن رفع يده عن الدعم العسكري، وأخلى ضباطه ومستشاريه من دمشق والمناطق التي كان يسيطر عليها، فهو حتى الآن لم يتعافى من ضربة حزب الله في لبنان من قبل الكيان الصهيوني، ولا يريد ان يوسع محاور الاشتباكات من جديد من أية جهة.
وحزب الله الذي كان المشارك الأول في الدفاع عن النظام السوري في السنوات الماضية، فقائده الأبرز حسن نصرالله الذي صاح يوما “لن تُسبى زينب مرتين”، وأرسل خيرة مقاتلي الحزب للدفاع عن نظام الأسد، لم يعد موجودا، ويعيش الحزب الآن ظروفًا صعبة بعد شهرين من الحرب والمواجهة مع الكيان الصهيوني الغاصب.
وروسيا؛ التي خرجت طائراتها مرتين منذ بداية الأحداث وقصفت المسلحين مشاركة في الدفاع عن الأسد، باتت الأخرى أولوياتها أهم بكثير من دمشق والأسد، وحربها في أوكرانيا على سلم أولوياتها، وقد تكون نسقت مع واشنطن الجديدة برئاسة ترامب، “أوكرانيا مقابل سورية”.
“خلصت..” كلمة كتبتها على صفحتي في الفيس بوك قبل ايام، لم تعجب كثيرين، خاصة أنصار نظام بشار الأسد، فجاءت النصائح لا تستعجل، كما كانت المعاتبات كثيرة….
بالمناسبة؛ غزة ما زالت تباد يوميا، ووصلنا إلى 429 يوما من العدوان والدمار، والشهداء أكثر من 44 ألف شهيد..
الدايم الله…