بقلم : منى بوسمرة
دولة الإمارات، بنهج الانفتاح، الذي تحرص عليه قيادتها برؤية حكيمة، تربعت على قمة متميزة عالمياً، ما عزز شراكاتها القوية مع الدول الكبرى والمؤثرة، لتكون دولة محورية في ترسيخ الاستقرار والسلام الدولي، وإنعاش فرص التنمية والاقتصاد في العالم وصناعة مستقبل واعد لخير البشرية جمعاء.
ضمن هذا التوجه الثابت لتقوية العلاقات وبناء جسور التواصل الحضاري، تأتي زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ للدولة، وهي أول زيارة خارجية له بعد إعادة انتخابه رئيساً لبلاده، كما أن الإمارات هي الدولة العربية الوحيدة التي يزورها، عبر جولته الممتدة لعدد من العواصم العالمية.
الثقل العملاق الذي تمثله بكين مالياً وتنموياً، يفسر حجم الترابط الاقتصادي بين الإمارات والصين، والسعي لتعزيز هذه العلاقات على كل المستويات، خاصة أن العنصر المشترك بين البلدين، هو سعيهما للمستقبل بقوة والتطور المتسارع، بما يجعل هذه العلاقة تاريخية من جهة، وعلاقة تحالف يدرك قيمة التعاون الاستراتيجي، ونتائجه المتوقعة على المستوى العالمي من جهة أخرى.
وصف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الزيارة التاريخية التي يقوم بها الرئيس الصيني على رأس وفد صيني كبير بهدف تعميق أواصر التعاون التجاري والثقافي والعلمي بين البلدين، بقوله: «نرحب بضيف البلاد الرئيس الصيني الصديق شي جين بينغ، في هذه الزيارة التاريخية التي تحتفي بالعلاقة الاستراتيجية بين البلدين، وتؤسس لمرحلة جديدة عنوانها التعاون المثمر والمستقبل الواعد، الإمارات تحتضن أكثر من 200 ألف صيني وتضم 4000 شركة تجارية، ونحن الشريك الأكبر للصين في المنطقة، ونسعى لبناء روابط اقتصادية وثقافية واستثمارية طويلة المدى مع الصين».
هذه العلاقة، لم تكن وليدة الحاضر فقط، بل تأسست برؤية من الآباء المؤسسين، الذين أدركوا بعبقرية فذة أهمية الصين مبكراً، ولهذا يشير صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بقوله: «إن جمهورية الصين الشعبية ودولة الإمارات العربية المتحدة، تلعبان دوراً محورياً في استقرار المنطقة ومستقبلها الاقتصادي، ومنذ أكثر من 28 سنة زار الشيخ زايد، طيب الله ثراه، الصين، مؤسساً لعلاقة استراتيجية بين البلدين، حصدنا ثمارها علاقات اقتصادية وتجارية وثقافية، متميزة على مدى أكثر من ثلاثة عقود. إن الصين عملاق اقتصادي دولي، ولها ثقل سياسي عالمي، ودورها مؤثر في استقرار الاقتصاد والسلام العالميين».
ما يمكن قوله هنا إن لهذه العلاقة نتائج تتجاوز العلاقات الثنائية، لأن الإمارات تمثل نموذج الدولة التي تعزز الاستقرار والسلم دولياً، وهذا لا يمكن أن يتم دون تفاهمات بين القوى الإقليمية والعالمية، على أسس سياسية واقتصادية تزيد من أهمية المنطقة، وتجعل أبرز القوى العالمية أمام واقع صون الأمن الشامل لها، وتعزيز استقرارها، خاصة في ظل وجود معادلات تحاول أن تقترب من هذه المنطقة لأطماعها المختلفة.
إن نجاح هذه الزيارة وما سينتج عنها من اتفاقات وتفاهمات، يعبر كذلك عن روح الصداقة الإماراتية الصينية، وعن قدرة البلدين معاً على رسم ثنائية سياسية واقتصادية وثقافية، قابلة للتطور والحياة في دليل على قدرة الدول القوية على صناعة المستقبل.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
المصدر : البيان