بقلم :منى بوسمرة
ينتظر قادة العالم بعد انتهاء الجائحة التي تجتاح العالم، حكم شعوبهم عليهم، وكيف تصرفوا، ومدى مشروعية وصوابية قراراتهم، وهل نجحوا أم فشلوا، في أزمة مليئة بالتعقيدات والتداعيات الآنية والبعيدة المدى.
تابعنا على الشاشات قادة، صارحوا شعوبهم، ونزلوا إلى الميدان منذ اللحظة الأولى للأزمة، لقيادة المعركة وتفقدوا الطواقم الطبية على الجبهة الأمامية، وتواصلوا مع شعوبهم، وآخرين تساهلوا، فتورطوا وورطوا شعوبهم في مواجهة تسونامي الفيروس، فأصبحوا محل تهكم شعوبهم.
اليوم مصداقية القادة على المحك، والأكيد أنهم كلما كانوا أكثر قرباً من شعوبهم، وبعثوا رسائل إيجابية لمواطنيهم، واتسموا بالشفافية في تقديم صورة واضحة لتكون شعوبهم على دراية بواقع الحال، واتخذوا الخطوات والإجراءات اللازمة سريعاً، وحافظوا على التواصل الدائم مع شعوبهم، وأبدوا تعاطفهم معهم، وقدموا الدعم اللازم لهم، وبثوا الأمل والإيجابية، وعززوا قوة التضامن لتجاوز الأزمة، وتحدثوا عن المستقبل بروح التفاؤل، كلما كانوا أكثر نجاحاً وإقناعاً بسياستهم في هذه الظروف الاستثنائية.
بالتأكيد هي موازنة صعبة، لكن في مثل هذه المواقف الصعبة تظهر القيادة، ويظهر رصيد سياساتها السابقة في القدرة على مواجهة الموقف. وفي الإمارات تابعنا منذ بداية الأزمة ظهور قادتنا بشكل متواصل، سواء في اجتماعات مثل اجتماع مجلس الوزراء برئاسة محمد بن راشد، وهو يدير اجتماعات وطنية، ويصدر توجيهات بإعلان حوافز اتحادية ومحلية لكل قطاعات الأعمال، تأكيداً على وقوف الحكومة إلى جانب كل القطاعات، ثم حديث محمد بن زايد أكثر من مرة عن قدرات الإمارات في المواجهة، وطمأنة الناس بقوة الإجراءات الاحترازية ومتانة النظام الصحي، والظهور المتكرر ببث رسائل إيجابية سواء للداخل أو الخارج، وملء الفراغ المعلوماتي الذي يحتاجه الشعب، عبر التأكيد على قوة أدوات المواجهة، في استيفاء ضروري لمعايير الاتصال مع الشعب في أوقات الأزمات، وفي استنهاض للقيم الجماعية التي تقدم مصلحة المجتمع على مصلحة الفرد.
لقد أدركت قيادتنا مبكراً حجم الخطر، فحددت طريق الخروج من الأزمة، وحشدت له كل الطاقات والموارد، واتخذت كافة الإجراءات والاستعدادات، لتنجز نصف المهمة ببث الطمأنينة في نفوس الناس في ارتقاء عملي واستجابة فعالة لمستوى الحدث، ثم انطلقت لمرحلة القيادة والتحكم في إدارة الأزمة عبر كل الأدوات التي تمتلكها، وحصلت على ما يسميه خبراء السياسة، بالإجماع الطوعي وقت الأزمات نتيجة الثقة التي اكتسبوها بإجراءاتهم، خاصة إذا قارنوها بما يحصل خارج بلدانهم ووجدوا أنهم في حال أفضل بكثير.
هذا ما نشعر به اليوم، ويشعر به المقيمون معنا، فنحن نقف على أسس صلبة، أوجدتها سياسة سنوات من البناء الذي استهدف خدمة الإنسان ورفاهية ورغد عيشه وحمايته وضمان سلامته، فنحن في نعمة رغم الأزمة، نتمناها لغيرنا في هذا الوقت العصيب على البشرية.