بقلم : منى بوسمرة
ستة أعوام من الجهد العلمي الدؤوب، اكتملت، واقتربت لحظة الحقيقة، مع تركيب القطعة الأخيرة في مسبار الأمل، استعداداً للانطلاق إلى المريخ في يوليو المقبل، لتسجّل الإمارات في يومين إنجازين استراتيجيين بعد الترخيص بتشغيل مفاعل براكة أمس الأول.
تركيب القطعة الأخيرة عمل فني وجزء من روتين عمل فريق المسبار، لكن حضور محمد بن راشد، أكد القيمة الاستراتيجية للمشروع، للإمارات والعرب، بل وللبشرية.
فالمشروع إماراتي، وطني بامتياز، نفذته وبنته سواعد وعقول أبناء الوطن، ليؤكد قدرتهم على قهر المستحيل، فحققوا الإنجاز في زمن قياسي لم يتجاوز ست سنوات، ليثبتوا إمكانية قهر المستحيل لأن الإرادة توفرت، والبيئة الملائمة بكل تنوعاتها، لذلك عكست تصريحات محمد بن راشد تلك الصورة حين أكد أن فريق عمل المسبار يمثل الأسرة الإماراتية والمجتمع الإماراتي بتماسك أفراده وجماعية أدائه وتميّز مهاراته وعشقه للوطن.
وعربياً، فالمشروع رسالة إلى كل العرب، مسؤولين وشعوباً، أن الانشغال بالتنمية وصولاً إلى الازدهار ممكن، بل هو أمر أكيد، بتقديم مصلحة الشعوب على الصراعات العسكرية والسياسية والشخصية، والتوجه نحو العلم والمعرفة لبناء أجيال قادرة على العطاء والإبداع والتحضير لمستقبلها. وهنا مسبار الأمل نموذج يتجسّد ويثبت قدرة الإنسان العربي على الإنجاز حال وفّرت الحكومات البيئة اللازمة والجاذبة للخبرات العربية، سواء المقيمة أو المهاجرة.
أما دولياً، فقد بشّرنا محمد بن راشد أن الإمارات ستهدي العالم ثروة علمية ومعرفية، ليؤكد على قناعته التي يكررها دائماً بقدرة العرب على استئناف الحضارة والمساهمة في تقدّم البشرية، وأن رسالتنا كإماراتيين وعرب للعالم هي رسالة سلام وأمل بمستقبل مزدهر ومستدام، تكون فيه العلوم والمعارف كتاباً مفتوحاً أمام الشعوب.
علامة فارقة، في تاريخ الإمارات، يرسمها 150 عالماً إماراتياً يحققون الطموح ويحلقون نجوماً في سماء العرب، وينافسون في ميادين العلم والمعرفة لخدمة البشرية والإنسان، تطبيقاً لنهجنا بأن نكون دولة الخير والمحبة والسلام وإسعاد البشرية.
من مفاعل براكة إلى مسبار الأمل، الإمارات سباقة في كتابة التاريخ وصناعة الإنجازات، تضيء شعلة الأمل بالطاقة الإيجابية، باعتبارها قوة قادرة على اختصار المسافة بين الأرض والسماء، وتحويل المستحيل إلى واقع، بعد إلغائه من قاموس الإمارات، وهو ما أكده مجدداً حمدان بن محمد، ليبعث برسالة إلى شباب الوطن، ليواصلوا كتابة تاريخ مشرّف، وتحقيق طموحات الوطن، حاملين أمل وتطلعات أمة بمستقبل مشرق.