بقلم - منى بوسمرة
ما خرجت به قمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض، من نتائج استثنائية، يعد خطوة فارقة في تحقيق تطلعات وآمال شعوب المنطقة، خصوصاً في تأكيدها أولوية العمل الجماعي في مواجهة كافة التهديدات والتحديات، وتوافق قادتها على المضي في استكمال الوحدة الاقتصادية والمنظومات الدفاعية والأمنية المشتركة، وما نص عليه بيانها الختامي من أن أي هجوم على أي دولة في المجلس يعد هجوماً على جميع الأعضاء.
تظهر هذه المخرجات بوضوح أن القمة تعتبر بحق انطلاقة جديدة في العلاقات وفي وحدة الصف الخليجي وتحقيق التكامل بين دوله، وتعميق روابط الأخوة بين شعوبه، وهي جميعها أولويات شكلت أهمية استراتيجية للإمارات، وظلت في مقدمة ثوابت سياستها في علاقاتها الخليجية.
واليوم مع دخول هذه المسيرة عقدها الخامس، تجدد الإمارات التأكيد على هذه الثوابت، وتمسكها بها بشكل أقوى، لما تمثله من سند صلب لقدرة دول المجلس على التعامل الجماعي مع مختلف التحديات الإقليمية والتغيرات والتقلبات الدولية.
قمة الرياض، أمس، جاءت على مستوى أهميتها الاستراتيجية الكبرى، في هذا التوقيت ووسط هذه الظروف العالمية، فهي بهذه التوافقات تضع الأسس الكفيلة بضمان استقرار المنطقة، وتعزيز التنمية والازدهار لشعوبها لعقود مقبلة، وهو ما أكده محمد بن راشد لدى ترؤسه وفد الدولة في القمة بقوله: «شعوبنا تتطلع لتكامل اقتصادي وتنموي.. شعوبنا تتطلع لتعاون حقيقي وعميق.. شعوبنا تنتظر من اجتماعاتنا في الرياض نتائج تحول مدننا كلها لرياض من النمو والرفاه والتقدم».
هذه هي الرسالة والرؤية التي تضعها الإمارات على رأس اهتماماتها في هذه المرحلة التاريخية المفصلية إقليمياً وعالمياً، والتي تتطلب بناء توافق إقليمي أكبر يضمن السلام والاستقرار في المنطقة كلها، لأن هذا الاستقرار هو مفتاح تحقيق مزيد من الازدهار والتنمية لشعوب دول المجلس، وهو أيضاً الطريق الأسرع للارتقاء بدور دول المجلس وفاعليته على المستويين الإقليمي والدولي.
إن ما نشهده في المنطقة والعالم من أوضاع راهنة سياسية واقتصادية وصحية، كان بحاجة ملحّة لمثل هذه القرارات التي تضع التباينات جانباً للعمل بشراكة حقيقية وثقة كاملة في إبعاد المنطقة عن أي استقطابات ومواجهات، بل وخلافات، وتوحيد وجهات النظر حول أولويات باتت أكثر إلحاحاً ومساساً بالمصير الواحد لشعوب المنطقة، فالعمل من أجل مستقبل الشعوب يحتاج إلى مضاعفة الجهود على طريق التكامل والتعاون في خدمة القضايا والملفات الاستراتيجية.
هذه النتائج العظيمة لقمة الرياض تجدد تفاؤل وآمال شعوب المنطقة، خصوصاً أنها تدفع نحو عمل جاد في تحقيق تطلعات النمو الاقتصادي، والتأثير السياسي من أجل ترسيخ السلام والاستقرار، وتعزيز الأمن الشامل بجوانبه الوطنية والغذائية والصحية، وضمان مواكبة التطورات التكنولوجية، والارتقاء بإسهامات دول المجلس الحضارية، والعمل معاً ضمن ملفات حيوية، مثل ملف المناخ، وتعزيز دور المرأة والشباب في عالم المال والأعمال، وتعزيز فرص الاستثمار بين دول المجلس.
ما شهدناه أمس في الرياض، صاحبة الدور القيادي، هو بالفعل صفحة جديدة مبشرة في الأواصر الأخوية القوية بين دول المجلس، تؤسس لرؤية خلاقة وفاعلة ضمن وحدة المصير والمستقبل.