بقلم - عبد المنعم سعيد
جهود الهدنة مستمرة، وحتى إذا نجحت فإنها تمد المتحاربين بمهلة لالتقاط الأنفاس وبعدها يكون لكل حادث حديث؛ والبحث عن أساليب جديدة وفاعلة لمعالجة الكارثة الإنسانية توشى بأن حرب غزة الخامسة لن تنتهى قريبا لكى تبدأ محادثات للسلام، وإنما لكى تصبح حربا مستمرة. تدريجيا تنسحب غزة بعيدا عن العيون لأن مسارح أخرى للحرب أصبحت أكثر حدة؛ مسرح الضفة الغربية يبدو مرشحا للانفجار ليس بفعل مشاهد غزة فقط وإنما بتأثير من مشاهد الاستيطان والمستوطنين. الحرب فى الشام لم تعد مجرد تراشق بالصواريخ أو بالأهداف الإنسانية بين حزب الله فى لبنان وإسرائيل، وإنما باتت ممتدة إلى مدن داخلية لبنانية تتابع أهدافا من الحزب ومن تنظيم حماس، وفى كل الأحوال فإنها حرب إسرائيلية إيرانية على مسارح متعددة. حتى لحظة الكتابة فإن مسرح البحر الأحمر ومن ورائه الساحة اليمنية ربما تكون الأكثر حدة حيث الضرر عالمي، وممتد حتى المحيط الهندى والقرن الإفريقي، ولكنه المسرح الذى يوجد فيه قوى عالمية فى المقدمة منها الولايات المتحدة الأمريكية.
المسرح المرشح لكى يكون الأكثر قسوة هو سوريا المجروحة بحرب أهلية ودولية ممتدة منذ «الربيع السوري» أصبح الآن مواجهة إسرائيلية إيرانية ممتدة حتى حلب وحيثما يوجد مكان لحزب الله والحرس الثورى الإيراني. وكما يحدث فى الأساطير القديمة فإنه بغض النظر عن اللعنة التى أيقظها فإن الفتنة الإرهابية فى الشمال السورى آخذة فى الإعلان عن نفسها، وليس معقولا أن تقوم جماعة «داعش» بضرب روسيا فى ساحة موسيقية قرب موسكو، وتتركها فى سلام فى ضواحى سوريا. هو مسرح واسع فيه ذكريات «دولة الخلافة الإسلامية»، ومعارك الموصل ودير الزور. العراق الذى يحاول أن يلملم أطرافه ويعيد الدولة إلى موقع متماسك تبدو ساحة مغرية قريبة من الخليج ونفطه. قيل إن رفرفة جناح فراشة فى اليابان يؤثر ويغير فى العالم حتى نصل إلى المكسيك؛ فماذا يكون عليه الحال ساعة انفجار ذلك كله؟