بقلم: عبد المنعم سعيد
كان الحصول على فيزا الدخول إلى الولايات المتحدة أكثر صعوبة من أى مرة خاصة أننى أحتاج نوعية ضرورية للذين سوف يعملون بالتدريس فى الجامعات. منذ عام ٢٠٠٥ استقرت الحياة على الذهاب إلى مدينة بوسطن كل خريف للتدريس لمدة شهرين مادة عن الصراع العربى الإسرائيلى فى جامعة برانديز. لم نحصل - أنا وزوجتي- على براءة الدخول إلا قبل السفر بساعات، وعندما امتطينا الطائرة فى ضوء الفجر شعرنا بالراحة، وأن الأمور يمكنها الاستقامة بعد تعب. كنا فى أول القصة، وهناك تسع ساعات من الانتظار فى مطار ميونيخ قضيتها فى الكتابة، وفى النهاية أخذنا الطائرة لكى نعبر المحيط الأطلنطى كما ظننت. ولكن الحقيقة تكشفت عن أن الطائرة لا تذهب غربا وإنما تطير شمالا إلى القطب الشمالى ومن هناك تعبر إلى العالم من أعلى نقطة فى قبة الكوكب ثم تنزل إلى الشاطيء الشرقى فى أمريكا. كان المفترض أن يكون الطريق قصيرا، ولكن قائد الطائرة أبلغنا أن هناك عاصفة فى القطب الشمالى ليس من الحكمة عبورها، وبالتالى أصبح أمامنا خيار إما النزول ونطير فى وقت آخر، أو ننتظر حتى تمر العاصفة. لم يكن الخيار من أجل التصويت، وإنما معلومات تعرفها، وبعد ساعتين خفتت العاصفة واستأنفت الطائرة طيرانها.
كان مقررا أن نصل إلى مطار لوجان فى مدينة بوسطن نحو الساعة السادسة مساء؛ ولكن التغيرات المناخية فى القطب الشمالى أخذت ساعتين من وقتنا الثمين. ولم يكن معتادا أن يكون الانتظار بعد ذلك طويلا فى المطار، ولكن طابور العائدين إلى المدينة من الطلبة من كل العالم كان يسير كما تسير السلحفاة، واستغرق الأمر ساعتين أخريين حتى وصلنا إلى نافذة أختام جوازات السفر، وكان بها رجل أمريكى من أصول إفريقية رحب بنا كثيرا وتمنى لنا إقامة طيبة، وبعد البصمة والصورة سلم لنا أوراقنا؛ وفيما بعد عندما فحصت الجوازات وجدت أنه لم يقم بوضع الأختام عليها !