بقلم: عبد المنعم سعيد
الانتخابات العامة كثيرا ما تكون مناسبة لمراجعة ما مضى، والاستعداد لما هو قادم؛ ولحسن الحظ أن العام الجارى شهد حوارا وطنيا ما زلنا حتى وقت نشر هذا العمود فى انتظار نتائجه. الحوار حدث بين النخبة من قادة الأحزاب والمثقفين وشخصيات ذات تأثير فى المجتمع المدنى والإعلام، ولكن حوار الانتخابات سوف يكون بين الجماهير. التفاعل بين النوعين من الحوار ضروري، وإدراك الفارق بينهما مطلوب، فالأول بدا مشغولا بالقضايا الليبرالية السياسية والحريات العامة ومسار النظام السياسي؛ أما الثانى فغالبا ما سيكون التأكيد فيه على العائد الذى يواجه مصاعب الحاضر ويتيح فرصا فى المستقبل القريب. تجربة السنوات الماضية نجحت فى حماية الدولة من الإرهاب، وقامت الدولة بدور كبير فى عملية التنمية وحاولت قدر الإمكان التعامل مع قوانين مزمنة - الإصلاح الزراعى والعقارات ومجانية التعليم - وتجاوز آثارها السلبية من خلال فتح أبواب جديدة من خلال مشروعات عملاقة. ولكن أبرز إنجازات الدولة الحداثية كانت اختراق إقليم الدولة، وإزالة قدر من العجز بين الديموغرافيا - السكان - والجغرافيا أو مساحة مصر الكلية من خلال مشروعات طموحة مثل نهر مصر الجديد فى الصحراء الغربية وبرنامج «حياة كريمة» فى قرى مصر كلها.
استكمال هذه المسيرة مع الزيادة السكانية المتوقعة، وما يجرى من زيادة فى أعداد اللاجئين والمهاجرين البالغين ١٥ مليون نسمة، تقتضى درجة أعلى من تعبئة الموارد القومية، وهذه تكون من إضافات لا تأتى إلا من القطاع الخاص المصرى والاستثمار الأجنبي. وثيقة ملكية الدولة والتعديلات الأخيرة فى إجراءات الاستثمار تبدو مبشرة، ولكنها وفقا للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية تحتوى على ما يمكن للجهاز الإدارى للدولة استخدامه فى إفساد المبادرة. التطبيق سوف يفرز المسافة بين التفاؤل والتشاؤم، ولكن ربما يكون الأمر أكثر فعالية لو قمنا بتفعيل الفرع الثالث من السلطة التنفيذية وهو الإدارة المحلية، خاصة المادة ١٧٨ من الدستور التى تتيح المرونة فى الإدارة، وأيضا فى الاستثمار.