بقلم: عبد المنعم سعيد
عشية رحلته إلى الصين صرح رئيس وزراء نيوزيلندا كريس هيبكنز بأنه لا يتفق مع الرئيس الأمريكى جوزيف بايدن أن الرئيس الصينى شى جين بينج ديكتاتور. وأضاف أن شكل الحكومة هو أمر للشعب الصينى لكى يقرر فيه. هذا التصريح على بساطته، يمثل أولا استقلالية بلد فى الرأى عن بلاد المعسكر الغربى بقيادة الولايات المتحدة على تقسيم العالم إلى ديمقراطيين وديكتاتوريين. وفى مثل هذا التقسيم يجرى قسمة العالم إلى معسكرين، أحدهما يمثل العالم بعد نهاية التاريخ؛ والآخر لايزال متقاعسا فى الوصول إلى هذه النهاية السعيدة، ويمكن ابتزازه، إما من خلال السياسة الأمريكية التى تدوس على أزرار الأحكام الأخلاقية؛ أو تترك المهمة لصحف الواشنطن بوست ومراكز أخرى للرأى والبحث للحكم على دول وشعوب، لكى تعدها للابتزاز حين تحين اللحظة. الحقيقة هنا هى فساد هذا الحكم لأن دول العالم تختلف فيما بينها فى تطورها السياسى والاقتصادى بين لحظات تاريخية وأخرى. الولايات المتحدة ذاتها عاشت لحظات استثنائية بعد الثورة الأمريكية، وقبل وبعد الحرب الأهلية، ولم يحصل السود على حقوقهم إلا بعد قرن من الحرب، ولم تحصل المرأة على حق التصويت إلا بعد قرن وربع من قيام الجمهورية.
المعضلة فى هذا الموضوع أنه بات من أهم أسباب عدم الاستقرار الدولي، وفى حالة البيت الأبيض بات مترددا ما بين العداء للصين أو طلب ودها فى حل مشكلات عالمية. الفكرة هى أنه يستحيل فى مجتمع الدول المعاصر، خاصة فى دول بحجم الصين الرأسمالية وصاحبة أكبر الاحتياطات العالمية والتى تنافس فى سباق التكنولوجيا أن تكون محرومة من حرية الاختيار. الصين دولة واسعة تماثل مساحتها الولايات المتحدة، ومكونة من ٣٣ إقليما له حكم ذاتي، وعشرات من الوحدات السياسية الأخرى ذات الطبيعة الإثنية. المسألة هى أن دول العالم لا تبحث فقط عن الحرية والانتخابات التى تأتى بقيادات شعبوية، وإنما عن الإنجاز، وتحقيق التقدم أيضا.