بقلم: عبد المنعم سعيد
مضى أسبوعان الآن على نشوب حرب غزة الخامسة فى اليوم السابع من أكتوبر. وقتها جرت المقارنة بين المفاجأة التى أحدثتها حماس مع إسرائيل مع مفاجأة السادس من أكتوبر. وكان هناك بالفعل بعض الشبه فى الخداع والمهارة، ولكن المفارقة جاءت مع التفاصيل أنه فى الأولى كانت إسرائيل تعرف كل شيء، ولكنها فسرتها فى الاتجاه العكسي. فى الثانية لم يكن هناك معلومات، وهناك فارق بين المعلومات والتحذيرات المعلقة بلا موعد ولا تشخيص وعمليات التضليل المقننة. ولكن الفارق الأكبر كان أن الأولى كانت جزءا من إستراتيجية كبرى لتحرير الأراضى المصرية المحتلة؛ أما الثانية فكان الهدف هو تفريغ شحنات هائلة من الغضب؛ وكسب نقاط على السلطة الوطنية الفلسطينية بأن حماس هى التى مرغت أنف إسرائيل فى التراب. تحقيق ذلك دفع الإسرائيليين إلى حالة من الغضب الهائل الذى استعاد ذكرى المحرقة، وصمم على انتقام هائل من شعب غزة كله بينما مقاتلو حماس يعيشون فى الأنفاق.
المفاجأة المصرية سبقها فتح قنوات مع الولايات المتحدة، سافر فيها مرتين مستشار السادات للأمن القومى حافظ اسماعيل لكى يقابل مثيله هنرى كيسنجر. مهد السادات للحرب بالدعوة إلى فتح قناة السويس قبلها بعام إذا ما انسحبت إسرائيل بعيدا عن القناة؛ ومع هذا وذاك كان السادات يكسب صديقا جديدا فى العالم، وفى إفريقيا يقطعون العلاقات مع إسرائيل. وعندما انتهت حماس من مفاجأتها كانت أغلبية العالم الغربى تقف مع إسرائيل بالتزام غير مسبوق؛ وأصبحت الشفقة ممكنة فقط بعد تدمير غزة وإجلاء شعبها، وقتل مئات الألوف منها. المفاجأة المصرية تدرس فى العالم على أنها إستراتيجية؛ مفاجأة حماس سوف تذكر فى باب أحداث الانتقام والانتقام المضاد المروعة. السادس من أكتوبر هذا العام أورد الذكرى الخمسين لحدث غير العالم وغير المنطقة، أما السابع من أكتوبر فبعد خمسين عاما فسوف يكون له ذكرى أنه غطى لبضعة أيام على حرب روسيا وأوكرانيا.